عامان مرا على تسلم المجلس البلدي لمدينة طولكرم زمام الأمور، بقيادة د. رياض عبد الكريم عوض، كانا حافلان بالعمل الدؤوب والإخلاص الممزوج بالخبرة العملية للنهوض بواقع المدينة ومؤسسة البلدية، وتقديم أفضل خدمة للمواطنين، الذين منحوا هذا المجلس ثقتهم.

وكأي عمل عام، كانت هناك جملة من التحديات التي واجهت المجلس البلدي، تركت ودون أدنى شك أثرها على أدائه، لكن بالمقابل، كانت هناك جملة من الإنجازات التي يطمح المجلس لأن تتواصل، ضمن رؤيته الاستراتيجية.

التقينا رئيس البلدية، د. رياض عبد الكريم، الذي يحمل شهادة الدكتوراه في هندسة الإنشاءات، من جامعة ولاية بنسلفانيا في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1989، ومنذ ذلك الحين وهو أستاذ مشارك في كلية الهندسة في جامعة النجاح الوطنية في مدينة نابلس، كما أنه يشغل منصب أمين صندوق نقابة المهندسين حاليا.

يؤكد الرئيس أن العمل العام في فلسطين بشكل عام وفي الهيئات المحلية وعلى رأسها البلديات يواجه تحديات جمة، لعل أبرزها هو العجز المالي الذي تعاني منه معظم البلديات، “لأن أي مشروع تريد إنجازه سواء الصرف الصحي أو الكهرباء أو المياه يجب أن يكون لديك سيولة نقدية لتنفيذه”.

وتابع “هذا انعكاس للحالة الاقتصادية التي يمر بها الشعب الفلسطيني، فقد أثر عدم انتظام الرواتب الحكومية منذ عامين وأكثر، وعدم تسديد الحكومة ما عليها للهيئات المحلية، وحاليا خسارة عشرات الالاف من العمال الفلسطينيين لأعمالهم في الداخل المحتل وفي الضفة الغربية ايضا، في ضعضعة الوضع المالي للبلديات وتراجع الايرادات والجباية وتفاقم الديون على المواطنين لصالح الهيئة المحلية. وهذا بدوره انعكس على قدرتنا على القيام بالواجبات الملقاة على عاتقنا تجاه المواطنين الذين وضعوا ثقتهم بنا”.

وفيما يتعلق بالديون، أوضح رئيس البلدية أن مديونية بلدية طولكرم على المواطنين من أثمان المياه فقط تتجاوز 100 مليون شيكل، وكذلك الملايين من الشواكل ديون كهرباء، كما تراجع الدخل من الضرائب التي نجيبها من المواطنين لصندوق البلدية، لعدم قدرتهم على السداد (…) هذا قبل الأحداث الأخيرة، فكيف أصبحت اليوم في ظل ارتفاع نسبة البطالة وفقدان عشرات الآلاف من الناس مصادر دخلهم.

كما تراكمت ديوان لبلدية طولكرم على الحكومة، وتتمثل هذه الديون في رسوم النقل على الطرق وضريبة الأملاك ورخص المهن، كما يثبت الحاجة لإجراء عملية “التقاص” مع وزارة المالية، وضرورة دفع مستحقات البلدية حتى يتسنى تنفيذ بقية المشاريع التي نحتاجها.

التحدي الثاني -والذي لا يقل تأثيرا عن الأول-، هو الاحتلال الاسرائيلي والعدوان المتواصل على الشعب الفلسطيني من خلال الاقتحامات والاجتياحات التي تنفذها قواته المجرمة بحق المدن والريف والمخيمات، التي ينتج عنها وبشكل متعمد تدمير كبير للبنية التحتية، حيث تعمل جرافات الاحتلال على تخريب الطرق وتدمير شبكات المياه والصرف الصحي والاتصالات والكهرباء، هذا اضافة لهدم البيوت والمحال التجارية.

هذه الاعتداءات تكبد البلديات مبالغ مالية طائلة جدا تقدر بملايين الشواكل أحيانا، ولا نكاد ننتهي من إصلاح وتأهيل منطقة معينة تعرضت لهجوم من الاحتلال، إلا ويقتحمها من جديد ويعيد الكرة فسادا وتدميرا، أو أنه يقتحم منطقة أخرى، ويفعل بها ما فعل بالأولى.

يقول رئيس البلدية “منذ أكثر من عام ومخيمي طولكرم ونور شمس للاجئين الفلسطينيين وكلاهما يقع ضمن صلاحيات بلدية طولكرم والمخطط الهيكلي للمدينة، يتعرضان لعدوان إسرائيلي كبير، فلا يكاد يمر اقتحام دون أن تدمر جرافات الاحتلال الطرق الداخلية أو المحيطة بالمخيم وتجرف البنية التحتية. ونحن من واجبنا الوطني وفور انسحاب الاحتلال نعمل على إرسال طواقم البلدية لمعاينة حجم الأضرار، بالتعاون مع لجان الخدمات في المخيمين ووزارة الأشغال والجهات الأخرى ذات الصلة.

الأولوية عادة هو فتح الطرق المغلقة وإزالة الركام وتسهيل حركة الناس والمركبات، وإصلاح خطوط الكهرباء ووصول الماء إلى السكان، أما بخصوص إعادة تأهيل الطرق فهذا يحتاج إلى وقت وجهد أكبر، خاصة أن رقعة الدمار واسعة.

ويضيف “هذه التحديات ورغم تأثيرها الملموس، لم تعق التقدم وتحد من قدرتنا على العطاء وخدمة أبناء شعبنا. في مدينة طولكرم كانت المعضلة -التي بحمد لله تمكنا من حلها-تكمن في انقطاع دائم للتيار الكهربائي وما يتسبب به من توقف عجلة العمل والصناعة وتلف الأجهزة الكهربائية في المنشآت والبيوت. كانت الاحتياجات للكهرباء واستهلاكها أكبر من القدرة الكهربائية التي نملكها، وعندما كان يتضاعف سحب الكهرباء تنقطع عن المدينة بأكملها”.

حل هذه المشكلة تم من خلال تزويد المدينة بقدرة اضافية 10 ميغا من خلال محطة كهرباء “صرة”، ويتم العمل لتمديد خط ثالث في نقطة ربط مع الشركة القطرية التي تزودنا بخطين، وهذا الخط الثالث سيوفر طاقة كهربائية لسنوات قادمة. كما كانت لدينا خطة واضحة لترشيد الاستهلاك واستخدام الطاقة البديلة والمتجددة.

وتابع: عالجنا هذا الملف بنجاعة كبيرة، نحن الآن في المراحل النهائية من ربط الكهرباء مع خط محطة صرة، وتم بالفعل استيراد مولدين كهربائيين من الصين. مردفا: الربط مع محطة صرة سيعطي مدينة طولكرم قدرة اضافية تكفيها لسنوات، كما نقوم حاليا بحملات توعية لترشيد الاستهلاك.

وأكد أن الانقطاعات الأخيرة في الكهرباء كانت بسبب تخفيض القدرة من جانب الاحتلال. وقال: لدينا خطين رئيسيين كل خط 430 أمبير وأحيانا تقوم دولة الاحتلال بتخفيض القدرة الى 405 أمبير في الخط الواحد ما يؤدي الى قطع الكهرباء.

أما معضلة الوضع المالي، فالحلول حقيقة محدودة في ظل الظروف العامة التي نمر بها، لذلك عملنا على زيادة الايرادات من خلال استثمارات البلدية وتقليل النفقات للتغلب على الوضع المالي الصعب.

وفيما يتعلق بقضية المياه، أكد رئيس البلدية أن المجلس البلدي ومنذ لحظة استلامه قام بتطوير نظام ضخ المياه، معتمدا على تطبيقات ذكية تظهر وضع الشبكة وكمية المياه فيها، وهو الأمر الذي ساهم في تطوير واقع المياه في طولكرم بشكل لافت.

وأضاف: لدينا مشروع الآن لتقييم الشبكة، خصوصا أن هناك بعض المقاطع عمرها أكثر من 50 عاما وتحتاج الى إعادة تأهيل فوري، وهذا ما نسعى لتطبيقه مستقبلا.

وبشأن الأزمات المرورية التي تشهدها طولكرم، يوضح رئيس البلدية أن هناك مجمعات فرعية متفرقة للمواصلات العامة، “لذلك قمنا بتجمعيها في كراج واحد في منطقة مجاورة لوسط البلد، وهو الأمر الذي ساهم في تخفيض الضغط عن مركز المدينة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *