أجرى اللقاء مع نقيبة المهندسين د. نادية حبش الصحفي سامر خويرة
نقيبة المهندسين د. نادية حبش:
مقصرون بحق غزة لكننا نبذل جهودا جبارة للوقوف مع أهلنا هناك
المرحلة الحاليّة مفصليّة في تاريخ القضيّة الفلسطينية وتتطلب موقفا متقدّما يستند إلى البطولات التي يخوضها مقاومونا وشعبنا البطل
غيّر طوفان الأقصى المعادلات وقلب الرأي العام العالمي ولن نسمح بتهويد الضفة والقدس
خاص
لا شك أنّ النقابات المهنيّة تلعب دوراً جوهرياً في تنظيم وتطوير المهن في القطاعات التي تختص بها وفي الدفاع عن حقوق منتسبيها، ولكن على مر السنين، اقترن هذا الدور، بالدور الوطني حسب المرحلة النضاليّة.
فبينما شكّلت النقابات المهنيّة واجهة العمل الوطني في ظروف العمل السرّي، اختلف هذا الدور بعد تأسيس السلطة الفلسطينيّة ليصبح دوراً اسناديّاً للقوى الوطنيّة خاصة في التنسيق للنشاط المشترك وقد ظهر ذلك جلياّ في تنظيم الفعاليات المختلفة أبّان طوفان الأقصى دعماً وإسناداً لأهلنا ومقاومتهم الباسلة في قطاع غزًة الحبيب.
وتشير نقيبة المهندسين الفلسطينيين د. نادية حبش إلى أن النقابات المهنيًة الفلسطينيّة تتواصل مع فروعها في قطاع غزّة، بينما تتواصل النقابات المهنيّة الأردنيّة في الضفة (ونحنُ منها) مع نظيراتها في قطاع غزّة وذلك من أجل تقديم الدعم النفسي واللوجستي والمادّي بما تسمح به الظروف، ولكن للأسف كل ذلك كان دون المستوى المطلوب نتيجة صعوبة الظرف وربما استحالة ذلك في معظم الأوقات ومحدوديّة امكانيّة الدعم.
وتضيف “لكن لا بدّ أن تقوم النقابات بدور كبير في مرحلة ما بعد انتهاء العدوان، وخلال مرحلة حصر الأضرار والإنعاش وإعادة الإعمار، وهناك عدد كبير من الزملاء والزميلات على استعداد للتطوع للعمل على ذلك. هناك مسؤوليات ودور كبير يجب أن تضطلع به كافة النقابات المهنيّة في مرحلة ما بعد انتهاء العدوان، فنحن كنقابة مهندسين لا بدّ أن يساهم مهندسونا في مرحلة حصر الأضرار وإعادة التخطيط والإعمار، حيث هناك مبادرات ومحاولات يجري العمل عليها من زملاء وزميلات منذ الآن تحضيراً للمراحل القادمة”.
وفيما يتعلق بواجب النقابة تجاه أهالي ومهندسي قطاع غزة، تلفت حبش إلى “تقديم ما يزيد عن 2000 طرد غذائيّ لزميلاتنا وزملاؤنا ولثلاثة مآوي في غزّة وشمال غزّة، حيث المجاعة والحصار، بقيمة تبلغ حوالي 100 ألف دينار أردني وهو مبلغ تمّ جمعه في العام 2014 وترصيده لصالح دعم صمود أهلنا في القطاع الباسل. كما قمنا بإصدار البيانات والتوقيع على العرائض باللغتين في المناسبات المختلفة والأحداث الجلل لدى حدوثها سواء في الضفّة أو في غزّة وقمنا بتعميمها على الإعلام ودوائر علاقاتنا العربيّة والدوليّة بهدف تحشيد الرأي العام العالمي لنصرة قضيتنا والوقوف في وجه المستعمر الغاصب ومقاطعته اقتصاديّاً وثقافيّاً وأكاديميّاً بهدف تعريته وعزله”.
كما نشارك –والحديث لنقيبة المهندسين-بـ “كافة الوقفات والمسيرات الاسناديّة للدعوة لوقف إطلاق النار ووقف الإبادة الجماعيّة والتطهير العرقي الممارس في قطاعنا الحبيب، كما عملنا على إصدار ملصق يسلط الضوء على جرائم الاحتلال ويوثّق الحدث بشكل يومي ويوجّه رسالة”.
وتشدد حبش على أنَّ المرحلة الحاليّة مرحلة مفصليّة في تاريخ القضيّة الفلسطينية وتتطلب موقفا متقدّما يستند إلى البطولات التي يخوضها مقاومونا والتضحيات التي يقدّمها شعبنا البطل، “فقد غيّر طوفان الأقصى المعادلات وقلب الرأي العام العالمي بنسبة كبيرة باتجاه تأييد حقوق الشعب الفلسطيني. كما أن ما يحصل في غزّة وجنين وطولكرم ونابلس وبقية المواقع يهدف للقضاء على بؤر المقاومة الباسلة، لذلك يجب توحيد الصف الفلسطيني بإعلان انتهاء أوسلو وتشكيل قيادة وطنيّة موحّدة تقود النضال الوطني الفلسطيني بهدف التحرير والعودة وإقامة الدولة المستقلّة وعاصمتها القدس”.
وترى حبش ان الضفّة الغربيّة بما فيها مدينة القدس ليست بمنأى عن كلِّ ذلك، “فقد ازدادت في الفترة الأخيرة وتيرةُ وحِدّةُ الاعتداءات من قطعان المستوطنين بحماية ومساندة جيش الاحتلال الذي يعتدي على كافة الوجود الفلسطيني ومقدساته، ما يعد انتهاكـاً للمعـايير الدوليـة وحقوق الإنسان التي يكفلها القانون الدولي. فمن مصادرة الأراضي والتوسع الاستعماري الاستيطاني والتعرض للمقدسات والاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى، إلى الاجتياحات المتكررة لمعظم البلدات والمدن والاعتقالات وتدمير وهدم المنازل والبنية التحتيّة بشكل متكرر خاصة في مخيمات جنين وطولكرم ونور شمس وبلاطة والفارعة أمام صمتٍ عربيٍّ ودوليّ، ما يؤكد على مضيِّ المحتل في تنفيذ مخططه في الإبادة الجماعيّة والتهجير. ولكنّ استمرار ذلك لن يطول طالما هناك شعبٌ صامدٌ ومقاومة فلسطينيّة واضحة البوصلة.
البيت الداخلي للنقابة
وفيما يخص العمل النقابي المحض، عكفت نقابة المهندسين، وما زالت، -على حد قول النقيبة-على العمل وفقاً لاستراتيجية واضحة ومدروسة، تمثل إطاراً مرجعيا لعمل النقابة وأداة تدفع النقابة نحو غايتها، وتمنحها الحس بالمسؤولية، والالتزام بأداء واجباتها ومهامها. وفي معرض مسعاها لتطوير توجهات العمل الاستراتيجي للنقابة، ركزت على البعدين المهني والوطني. وانطلاقا من خطة النقابة للدورة الحالية (2021-2024)، فقد واصلت عملها على مختلف المحاور وفقاً لخطتها التنفيذية لعام 2023، والتي تتكامل فيها رؤية النقابة ورسالتها وأهدافها بحيث تكون نقابة مهنيّة وطنيّة قادرة ومستدامة تسعى لتحقيق رؤيتها ورسالتها للوصول إلى مجتمع حضاري منظّم يبدع فيه المُهندِس في بيئة محفزة، بحيث تعمل النقابة على تنظيم وتطوير المهن الهندسيّة، وتدافع عن منتسبيها وتبني قدراتهم، وتستثمر في خبراتهم وتشجّع الابتكار والريادة على قاعدة العمل المؤسسي وأخلاق المهنة والتعاون في خدمة المجتمع والمواطن لتحقيق التنمية المستدامة.
كما تعمل النقابة وفق مفهوم التواصل والتكامل والتشبيك والعمل المشترك مع جميع مؤسسات الوطن، مولية اهتماماً كبيراً للتخطيط باعتباره العامل الأهم في عملية التطوير والبناء على جميع المستويات الوطنية والنقابية والمهنية.
ولتحقيق ذلك قامت النقابة بالعمل على صعيد البناء المؤسسي للنقابة من خلال التعاقد مع شركة استشارية لتنفيذ حزمة استشارية انطلاقاً من دراسة شاملة للوضع المؤسسي وتحديد الفجوات ونقاط الضعف والقوّة في المؤسسة استنادا لآراء أعضاء الهيئة العامة. تضمنت هذه الحزمة تطوير هيكلية النقابة بما يشمل الأوصاف الوظيفية الدقيقة لكافة موظفيها، وكذلك تطوير الأدلة الإجرائية المتضمنة دليل الموارد البشرية ودليل المشتريات ودليل الاجراءات المالية حيث من شأن ذلك رأب ثغرات كانت موجودة في الإجراءات السابقة مما يحدد المسؤوليات ويحسن من الأداء.
كما تضمنت الحزمة الاستشارية تطوير الخطة الإستراتيجية لنقابة المهندسين – مركز القدس للسنوات الثلاث القادمة 2024-2026 متضمنة أيضا إعداد الخطوط العريضة للخطّة التنفيذية لعام 2024 وتطوير النماذج المرتبطة بكافة الخدمات التي تقدمها النقابة بالإضافة لوضع مدوّنة السلوك وأخلاقيات العمل لأعضاء مجلس النقابة.
أما على الصعيد المهني، فقد استمرت النقابة في تطوير نظام التدقيق الإلكتروني للمخططات الهندسيّة وقامت بربط البلديات الكبرى بهذا النظام كمرحلة تجريبية لتسهيل الإجراءات وتسريعها وضبط عملية تقديم المخططات للترخيص، كما سيتم لاحقاً ربط جميع جهات الترخيص بهذا النظام. كما تمً العمل وفق تعديلات النظام الداخلي للمكاتب والشركات الهندسية والتعليمات الفنيّة بهدف الارتقاء بالمهنة وتنظيمها والرفع من كفاءة ودخل العاملين فيها.
وفيما يتعلق بتطوير المهنة وتنظيمها في كافة القطاعات الهندسية فقد بدأت النقابة بتنفيذ مرحلة تجريبيّة من برنامج رائد يهدف لتنظيم العمل الهندسي في مختلف القطاعات والاختصاصات انطلاقاً من الصلاحية الممنوحة لها بتنظيم مهنة الهندسة وبالاستناد إلى المراتب الهندسية الممنوحة من قبل المجلس الأعلى للتأهيل والاعتماد.
أما على صعيد بناء القدرات عملت نقابة المهندسين على تقديم منح شملت كافة شرائح وتخصصات المهندسين في إطار الدورات والبرامج التدريبية التي ينفذها مركز تدريب وريادة المهندسين، حيث تم تقديم منح شبه كاملة على الدورات التي نفذت خلال النصف الثاني من العام 2023، واستفاد من هذه الدورات قرابة 1000 مهندس ومهندسة في حين تم تعزيز فرص التدريب للمهندسين والمهندسات حديثي التخرج في إطار تنفيذ برنامج التأهيل العملي للمهندسين حديثي التخرج ودمجهم في سوق العمل من خلال اعطائهم فرص التدريب مدفوع الأجر لمدة ستة أشهر بالتعاون مع الشركاء من القطاع الخاص والأهلي.
المهندسون الأسرى
وعلى صعيد تعزيز الصمود والصعيد الاجتماعي، استمرت النقابة في دعم ومساندة الزملاء الأسرى وأهاليهم، حيث قامت بالتنسيق مع هيئة شؤون الأسرى ومؤسسة الضمير بتوكيل محاميهم لزيارة المهندسين الأسرى والاطمئنان على وضعهم حيث يعاني الأسرى بشكل عام من أوضاعٍ سيئة وتجريد من الحقوق التي حصلوا عليها سابقا بنضالاتهم. كما استمرت النقابة بتقديم المساعدة الماديّة لمن يحتاجها من المهندسين، ووفرت برنامج تأمين صحّي لائق، واستمرت في استكمال مشاريعها العقارية ومشروع أرض لكل مهندس لما فيه فائدة للمهندسين وعائلاتهم.
وفي إطار العلاقة مع المؤسسات، قامت النقابة بإبرام العديد من مذكرات التفاهم والتعاون مع عددٍ من الوزارات والبلديات والجامعات والمؤسسات والبنوك والشركات تهدف لتطوير العلاقة بناءً على المصلحة المتبادلة وتنظيم وتطوير المهنة وتقديم الدعم اللازم. كما تعمل النقابة على تعزيز دور مجمع النقابات المهنيّة على كافة الأصعدة وعلى الرفع من مستوى التنسيق بين النقابات المهنيّة خاصة ما يتعلق بالقضايا المطلبيّة.