بقلم: أ. فارس أبو الحسن – ناشط نقابي وحقوقي ومحام فلسطيني
تمتاز انتخابات نقابة المحامين الفلسطينيين بخصوصية تميزها عن انتخابات النقابات المهنية الأخرى لعدة أسباب جوهرية مرتبطة بطبيعة المهنة والسياق السياسي والقانوني .
- الطبيعة المزدوجة لدور المحامين :
- المحامون حماة القانون وحقوق الإنسان ، فالمحامي ليس ممارس لمهنة بل هو حارس لسيادة القانون والمدافع عن الحقوق والحريات في مواجهة الانتهاكات وهذا يمنح نقابة المحامين بعداً سياسياً وحقوقيا لا مثيل له في النقابات المهنية الأخرى . فقد جاء في المادة الثانية من قانون رقم (3) لسنة 1999 بشأن تنظيم مهنة المحاماة “المحاماة مهنة حرة تعاون السلطة القضائية في تحقيق العدالة وتأكيد سيادة القانون وفي كفالة حق الدفاع عن حقوق المواطنين وحرياتهم”
- المحامون الفلسطينيون ضحايا مباشرون للانتهاكات فالإحتلال يستهدفهم بشكل منهجي بالاعتقال ومنع التنقل واقتحام المكاتب مما يجعل النقابة طرفاً بالصراع وليست مجرد نقابة مهنية.
- السياق السياسي والأمني المميز :
- الاحتلال كعامل معيق ، لأول مرة تجري الانتخابات هذا العام في ظل حرب الإبادة الجارية في قطاع غزة واستشهاد أكثر من 70 محاميا ومحامية عدد منهم مع استشهدوا مع أفراد أسرهم كاملة وجرح العشرات واعتقال ما يزيد عن 35 محاميا من القطاع وتدمير كل مقومات الحياة بما فيها المؤسسات القضائية والقانونية والنقابية ، وهو ما يحرم محامو القطاع من المشاركة في اختيار ممثليهم ناهيك عما يجري في الضفة الغربية من التضييق على حركة التنقل بين المدن والقرى و المخيمات إضافة للاقتحامات المتكررة والمستمرة لعدد من المخيمات والمدن الفلسطينية المختلفة واحتلال أجزاء منها وفرض حظر التجول على أقسام أخرى وهو ما يعيق حركة المرشحين والناخبين . الأمر الذي أدى إلى تأجيل الانتخابات عن موعدها المقرر وفقاً للقانون بشهر ابريل الماضي رغم عدم قانونية قرار التأجيل إلا أن مجلس النقابة اتخذ القرار بالتأجيل وعلى الرغم من عدم تغير الظروف إلا أن المجلس اتخذ القرار باجراء الانتخابات بعد انتهاء فترة التأجيل .
- الانقسام الداخلي ، يعمق الانقسام الفلسطيني الداخلي انقسام النقابة جغرافيا وقانونيا وماليا ويجعل من حلم الانتخابات لنقابة المحامين الفلسطينيين الموحده حلما صعب المنال .
- الأثر المباشر على النظام القضائي : فالنقابة هي شريك أساسي في تعزيز استقلال القضاء وإصلاح النظام القانوني والقضائي فنتائج الانتخابات تؤثر تأثيراً مباشراً على مصادقية النظام القضائي وحقوق المتقاضين بخلاف نقابات أخرى تمتاز بدور تقني محدود .
- الحساسية الدولية : تمتاز انتخابات نقابة المحامين الفلسطينيين مقياساً لصحة المؤسسات الفلسطينية ومدى احترام الحريات وهو ما لا يحظى بذات الحساسية في النقابات المهنية الأخرى .
- الصراع على الهوية : انتخابات نقابة المحامين في الوضع الفلسطيني تعتبر استفتاءً (لو اتيحت الفرصة لجميع المحامين بالمشاركة بحرية ودون قيود وملاحقات) على أولويات المهنة في ظل الاحتلال .
لذلك فانتخابات نقابة المحامين الفلسطينيين ليست مجرد عملية نقابية روتينية بل هي المقياس الحيوي لقدرة الفلسطينيين على المحافظة على المؤسسات القانونية المستقلة تحت الاحتلال ودور النقابة في الصراع وهو اختبار عملي لوحدة النسيج المجتمعي في ظل الانقسام .
ومع اقتراب موعد انتخابات نقابة المحامين الفلسطينيين للعام الحالي 2025 والتي ستجري في 05/07/2025 يزداد الحديث عن واقع نقابة المحامين والتحديات التي تواجهها والمأمول منها .
- النقابة كمؤسسة :
- التحديات الداخلية :
- الانقسام السياسي تأثرت نقابة المحامين بالانقسام بين الضفة وغزة مما أضعف تمثيلها الموحد و عطل جوانب كثيرة من العمل .
- الاستقلالية : واجهت نقابة المحامين ضغوطاً سياسية مما يهدد استقلاليتهافي الدفاع عن أعضائها وعن حقوق الانسان .
- الشفافية والحوكمة : تثار العديد من التساؤلات والملاحظات حول شفافية العضوية والإدارة الداخلية وإدارة الموارد ، والتقارير المالية والإدارية التي يؤجل إقرارها الدورة تلو الدورة شاهد على حاجة النقابة للشفافية والحوكمة .
- التمثيل : نظام الانتخابات بنقابة المحامين يعتمد على الانتخابات الفردية دون انتخابات القوائم والنسبية في التمثيل وهذا يضعف من تمثيل الكتل النقابية الوازنة في نقابة المحامين ويفتح الباب واسعاً للإقصاء والتهميش والهيمنة . وقد شهدت انتخابات نقابة المحامين لعدة دورات هيمنة الحزب الحاكم على أغلبية مقاعد مجلس النقابة وما لذلك من سلبيات عديدة على مختلف المستويات .
- التحديات الخاجية :
- الاحتلال الإسرائيلي وما يرتكبه من جرائم في قطاع غزة والضفة الغربية والذي يحد من عمل المحامين ويقوض سيادة القانون التي يعملون في إطارها ويناضلون من أجلها .
- ضعف سيادة القانون : في ظل تعدد السلطات وضعف تطبيق القانون .
- واقع التشريعات ووضع النظام القانوني :
- تعدد التشريعات فالنظام القانوني في فلسطين معقد لوجود مزيج من القوانين (العثمانية ، الانتدابية، الأردنية ، المصرية، الإسرائيلية ، الفلسطينية )
- الحاجة للإصلاح التشريعي : فالحاجة ملحة لتحديث وتوحيد التشريعات الفلسطينية وتعزيز استقالية القضاء و هذا كله يصطدم بغياب مجلس تشريعي منتخب .
دور النقابة المأمول :
- الضغط التشريعي : يجب أن تشكل النقابة قوة ضاغطة باتجاه إجراء انتخابات تشريعية واحترام إرادة الناخبين الفلسطينيين لما له من تأثير على البيئة القانونية والتشريعية .
- الرقابة على التشريعات : مراقبة التشريعات التي تصدر بقرارات بقانون من قبل رئيس السلطة الفلسطينية ومدى مواءمتها مع القانون الأساسي الفلسطيني وانسجامها مع الحقوق والحريات .
- توحيد القوانين : العمل من أجل تقليص الفجوة بين التشريعات في الضفة وغزة سعياً لتوحيدها .
- تطوير القوانين الخاصة بنقابة المحامين الفلسطينيين مع ازدياد أعداد المحامين الكبير والبعد عن المركزية و تعديل الأنظمة المعمول بها للحفاظ على مؤسسة النقابة و مواردها وأعضائها واستقلاليتها وضمان التمثيل العادل للمحامين .
- يفترض أن تكون نقابة المحامين حجر الزاوية في الدفاع عن حقوق الانسان وحمايتها من خلال الدفاع عن المحامين وعن المواطنين والتوعية القانونية .
- التعاون مع المجتمع المحلي ومؤسساته الفاعلة لتعزيز الحماية والمناصرة .
نأمل أن تكون الانتخابات في نقابة المحامين الحالية والمستقبلية تزيد من فرص تعزيز دور النقابة الحيوي كضامن وحارس لسيادة القانون وحام للحقوق والحريات .
فارس ابوحسن
نابلس في 30/06/2025