حولّت الفنانة الفلسطينية تيماء سلامة قصة شعبية قصيرة إلى مجموعة من الرسومات المنحوتة البارزة، في إطار سعيها لتمكين المكفوفين من إبصار الفن عبر حاسة اللمس.

 

هذه القصة تحمل عنوان “الحطّاب والشجرة”، وضمّت عددا من القيم التربوية كالتحذير من السرقة والمواظبة على العمل لتحصيل الرزق.

 

وعبّرت سلامة عن أحداث هذه القصة التي دارت بين شجرة وحطّاب أراد أن يقطعها، بعدة مجسّمات منحوتة مُرفقة بنص مكتوب بلغة برايل لمساعدة المكفوفين على فهم الأحداث.

 

وتطمح سلامة لإعداد نسخ من هذه القصة، لتصل إلى أوسع شريحة من المكفوفين ومساعدتهم في تذوّق الفن.

 

وعلى مدار السنوات الأربع الماضية أنتجت لوحات فنية خاصة للمكفوفين تميزت بالخروج عن القالب التقليدي للفن ودمجت بين الرسومات التشكيلية والمنحوتات البارزة.

 

داخل المرسم ، تنشغل الفنانة الفلسطينية في تجهيز المجسّمات التي تجسّد شخصيات القصة.

 

ترفع مجسما يُجسّد الشجرة مصنوعا من مادة شفافة خفيفة الوزن ومرنة من داخل قالب مصنوع من مادة الجبس، لتبدأ في تقليمها من الزوائد وتحديد معالمها بشكل دقيق باستخدام مقص.

 

ترش سلامة بعد ذلك على الشجرة ألوان فاتحة، تجذب نظر الشخص المُبصر الذي قد يطّلع على هذه القصة.

 

وفور الانتهاء تبدأ بتنظيف القوالب المخصصة لصبّ المجسّمات، والتي تقول إنها “صنعت من مادة تم التوصّل إليها بصعوبة”.

 

وتوضح أن القصة بحاجة إلى مجسّمات خفيفة الوزن، تمكّن الشخص الكفيف سواء الطفل أو غيره من إمساكها وتصفّحها بشكل سلس.

 

وتذكر أن “صناعة المجسّمات من مواد صلبة وثقيلة من شأنها أن تشكّل عنصر إزعاج للقارئ الكفيف، فكان البحث عن مواد خفيفة لها ملمس مميز وغير قابلة للكسر”.

 

واستغرقت صناعة هذه القصة – بحسب سلامة – عدة أشهر، إذ مرّت بمراحل معقّدة حتّى أخرجتها بشكل متكامل في 12 صفحة.

 

وتقول عن ذلك: “إنتاج القصة بحاجة إلى فنان ومصمم ومخرج ومدقق، هذه الأمور كلها أشرفت عليها بنفسي وخضعت للتجربة والبحث حتى وصل العمل إلى هذا المُخرج”.

 

وعن أول تجربة لقراءة هذه القصة من المكفوفين، قالت سلامة: “كانت اللحظات الأولى مفعمة بالسعادة والبهجة”.

 

وعبّرت سلامة عن طموحها لإنتاج نسخ من القصة، مبينة أن ذلك يتطلب إمكانيات مادية غير متوفّرة لديها، الأمر الذي يحول دون وصولها لعدد أكبر من المكفوفين.

 

وفي السياق، تقول سلامة إنها تعكف حاليا على إنتاج قصة خاصة بالمكفوفين، مكوّنة من نسخة واحدة فقط، من خامة “القماش الجوخ”.

 

وتعتمد القصة أيضا على رسومات مصنوعة من القماش والخيوط والخرز الملّون، التي تبرز عن السطح الذي تُثبت فيه بشكل يُمكّن المكفوفين من لمسها وقراءتها.

 

وتوضح أن إنتاج النسخ من هذه القصة “أمر صعب للغاية وذلك لعدم وجود قوالب تساهم في رسم وصناعة أحداثها وتفاصيلها”.

 

توضح سلامة أنها منذ تخرّجها من الجامعة عام 2019، بدأت في البحث بالمجال الفني واصفة إياه بأنه “واسع ومعقّد”.

 

وتقول إنها كانت تطمح منذ بداية رحلتها بوصول أعمالها الفنية لأوسع شريحة من الناس.

 

هذا الطموح أوجد طرحا حول كيفية وصولها إلى فئة المكفوفين، لمساعدتهم في إبصار اللوحات الفنية والتفاعل معها.

 

قررت سلامة آنذاك في إنتاج لوحات فنية تدمج خلالها الرسم التشكيلي بالمجسمات المنحوتة، بحيث يستطيع المكفوف من لمسها وقراءة تفاصيلها ومضامينها.

 

وتكمل: “عملت مع مكفوفين للبحث عن أفضل ملمس للخامات لصناعة المجسّمات المنحوتة، بحيث يمكن إظهار تفاصيل العمل بشكل يصل المعاق بصريا بسلاسة”.

 

وتوضح أنها أنتجت عدد من اللوحات الفنية باستخدام المجسمات المنحوتة البارزة، وعرضتها على مكفوفين ونجحوا في التعرّف على عناصرها وتفاعلوا معها.

 

وتردف: “عناصر اللوحة الفنية حينما تتكرر بأكثر من لوحة يقرأها الكفيف بشكل سريع جدا، إذ يكون سبق له وأن تعرّف عليها”.

 

وطرحت سلامة في لوحاتها عدة مواضيع بعضها متعلّق بالتراث الفلسطيني، قائلة: “فلسطين لها تراث جميل ومعبّر كان لا بد أن يكون محطة لهذه البداية الفنية”.

 

وانتقلت بعد ذلك بالتطرق إلى مواضيع لها علاقة بالعائلة التي ترتبط بشكل كبير في “الأفعال التراثية كالدبكة، والمطرّزات، وقطاف الزيتون”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *