أجرى اللقاءات: د. سهيل خلف
تحولت عائدات الضرائب والجمارك التي تجبيها سلطات الاحتلال الإسرائيلي نيابة عن السلطة الفلسطينية بموجب بروتوكول باريس الاقتصادي، والتي تعرف بـ “المقاصة”، إلى سلاح بيد إسرائيل تستخدمه في مواجهة الفلسطينيين وتجويعهم سعيا لفرض توجهات سياسية عليهم.
وتحتجز إسرائيل أكثر من 6 مليار شيكل من الأموال الفلسطينية، ما وضع الحكومة أمام تحديات كبيرة للوفاء بالتزاماتها تجاه رواتب الموظفين والموردين ومقدمي الخدمات.
ويعارض وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش تحويل أموال المقاصة إلى السلطة الفلسطينية والتي تستخدمها بدورها في دفع أجور العاملين في القطاع العام، فيما تدفع السلطة حاليا ما بين 50 إلى 60% فقط من رواتب الموظفين.
وتخصم إسرائيل من أموال المقاصة قيمة استهلاك الكهرباء، والمياه، وتكاليف علاج الفلسطينيين في المستشفيات الإسرائيلية، لكنها منذ العام 2017 لجأت لخصم مبالغ تعادل إجمالي مخصصات الشهداء والأسرى، التي تدفعها السلطة الفلسطينية لعائلات الشهداء والأسرى في سجون الاحتلال.
كما تحتجز إسرائيل المبالغ التي تخصصها السلطة للإنفاق الإداري في قطاع غزة، ومنذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، ضاعفت اقتطاعاتها من أموال المقاصة لتصل في المتوسط إلى 480 مليون شيكل شهريًا.
ويؤكد خبراء في الاقتصاد، والسياسة، والقانون، التقتهم “القدس” صعوبة إجبار إسرائيل على الإفراج عن أموال المقاصة، سواء بالضغط الدبلوماسي أو بالتوجه للمحاكم الدولية، ويرون بأن الحل للخروج من هذه الأزمة هو بوضح استراتيجية فلسطينية تقلل الاعتماد على أموال المقاصة في تمويل الموازنة الفلسطينية، والتوجه نحو الإنتاج الزراعي والصناعي.
د. سامح العطعوط: الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة عمدت إلى إلقاء المزيد من الأعباء على الجانب الفلسطيني، وذلك ضمن سياسة إدارة المشاكل ونظرية الإلهاء
ويعتبر الخبير الاقتصادي د. سامح العطعوط أن أموال المقاصة تشكل العصب الاستراتيجي للخزينة الفلسطينية، إذ أن حجم المستحقات من المقاصة للخزينة الفلسطينية كبير جدا ويزيد عن 6 مليار شيكل، وهذا يشكل جزءا كبيرا من تمويل الموازنة، الأمر الذي تسبب ولفترة سنوات متتالية بتأخر صرف رواتب موظفي السلطة الفلسطينية بشكل كبير، ويتسبب بمشكلة في الإنفاق الحكومي، وينعكس على الإنفاق الاستهلاكي، وتأخير تسديد مستحقات شركات القطاع الخاص، سواء في المجال الطبي والأدوية أو المقاولات أو غيرها، والتي باتت تعاني بشكل كبير وتلجأ للاقتراض من أجل تمويل نفقاتها التشغيلية وصرف رواتب موظفيها.
ويؤكد العطعوط أن مشكلة المقاصة اقتصادية لكن لها أبعاد سياسية، ويوضح بأن الاعتماد على الاستيراد بشكل كبير نتج عنه عجز كبير في الميزان التجاري الفلسطيني، وهو ما يجعل احتجاز أموال المقاصة يترك أثرا مباشرا على الاقتصاد الفلسطيني.
ويضيف أن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة عمدت إلى إلقاء المزيد من الأعباء على الجانب الفلسطيني، وذلك ضمن سياسة إدارة المشاكل ونظرية الإلهاء، معتبرا أن كل ما يحدث الآن هو ثمرة التخطيط الإسرائيلي منذ توقيع اتفاقية باريس عام 1994 والتي عملت على ربط الاقتصاد الفلسطيني بالإسرائيلي.
ويقول: “اليوم نرى معالم الخطة الإسرائيلية في الضفة الغربية كيف تتبلور سياسيا واقتصاديا وأمنيا بشكل واضح”.
ويؤكد العطعوط أن الأزمة المالية للسلطة بدأت منذ نشأتها، وتجلت بهيكل الموازنة وتوزيع النفقات في الموازنة، فموازنة السلطة -كما هو حال موازنات الدول العربية- هي لسداد الرواتب والنفقات التشغيلية، وتخلو من النفقات التطويرية، ولولا المنح والمساعدات الدولية خلال الـ 30 سنة الماضية لكان الوضع المالي الفلسطيني شبيه باللبناني بحجم دين عالٍ يفوق 40-50 مليار دولار، وهذا سيترتب عليه تكاليف ديون وخدمة لهذه الديون، وسيثقل الموازنة ليس فقط بالنفقات الجارية والتشغيلية، وإنما أيضا بتكلفة ديون تقارب 2 مليار دولار سنويا.
وللخروج من هذه الأزمة، يرى العطعوط ضرورة تغيير النموذج الاقتصادي الذي كان معمولا به خلال السنوات الـ30 الماضية.
ويقول: “نحن الآن أمام صراع وجودي بعد 7 أكتوبر ويفترض تغيير النموذج الاقتصادي الذي كان معمولا به خلال السنوات الـ30 الماضية والقائم على مرتكزات رئيسية أولها العمالة داخل الخط الأخضر التي كانت تضخ 18-20 مليار شيكل سنويا، وثانيها استمرارية الإنفاق الحكومي إذ يشكل هذا الإنفاق 40% من الاقتصاد الفلسطيني وثالثها حرية الحركة بين المدن، ورابعها دخول فلسطينيي الداخل”.
ويبين أن هذا النموذج القديم يجب أن يتغير إلى نموذج جديد، أهم ملامحه توطين المنتجات المحلية، وتخفيف الاعتماد على الاستيراد سواء من إسرائيل أو الخارج، وتعزيز القطاعات الإنتاجية كالزراعة والصناعة مما يقلل من نسب البطالة، وبناء نموذج اقتصادي مستقل عن الاقتصاد الإسرائيلي، وهذا يحتاج إلى جهود متوازية، اجتماعية وثقافية وتوعوية، وإعادة هيكلة الموازنة، وتوزيع النفقات بطريقة تخدم التنمية.
ويضيف أن بناء هذا النموذج الجديد يجب أن تشارك فيه الحكومة، وسلطة النقد، والقطاع الخاص والغرف التجارية، والجامعات، حتى يكون نموذجا اقتصاديا اجتماعيا مقاوما، وتكون أهداف النموذج ليست زيادة الثروات وإنما تثبيت الناس في هذه الأرض.
د. مؤيد حطاب: بروتوكول باريس أعطى إسرائيل الحق باقتطاع رسوم تحصيل بنسبة 3% من المقاصة، لكن إسرائيل توسعت في الاقتطاع بما يشمل كل شيء، وهذا مخالف لنصوص الاتفاق
ويشرح الخبير القانوني د. مؤيد حطاب الخيارات القانونية المتاحة أمامنا للضغط على إسرائيل لحل مشكلة أموال المقاصة، مبينا في البداية أن إسرائيل تمارس الاقتطاع من هذه الأموال بشكل مخالف لما جاء في اتفاقية باريس الاقتصادية التي هي بروتوكول تابع لاتفاق أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل.
ويوضح أن إشكالية بروتوكول باريس متعددة؛ فهو لم ينص بوضوح حول آلية التحكيم وطرق حل أي نزاع قد ينشأ، وإنما نص على تشكيل لجنة من الطرفين لحل أي خلاف، كما لم يتطرق لطرق الحل في حال وجود نزاع.
وقال إن الجانب الإسرائيلي يقتطع من المقاصة لأسباب متعددة، منها ما نص عليه البروتوكول، ومنها ما هو أمني وسياسي يرتبط بحق الإسرائيليين في اقتطاع جزء من المقاصة لصالحهم، في حين أن هذا البروتوكول هو اتفاقية اقتصادية بحتة ولا يجب ربطها بأي قضية سياسية.
وأضاف أن الاحتلال يعتمد على البند الخامس من البروتوكول في اقتطاع المقاصة، والذي يتحدث عن حق إسرائيل باقتطاع رسوم تحصيل بنسبة 3%، ولا يوجد أي بنود أخرى للاقتطاع، لكن إسرائيل توسعت في مصطلح الاقتطاع بما يشمل كل شيء، وهذا مخالف لنصوص الاتفاقية.
وأشار إلى أن الاتفاقية تخلو من أي بنود تتعلق بحل النزاع، مما يجعل البدائل المتاحة أمام السلطة هي التوجه إلى المحاكم الدولية او الدبلوماسية الدولية، ولكن هناك عقبة بالتوجه للقضاء وهي أن محكمة العدل الدولية تحتاج إلى موافقة الطرفين على تحكيمها لحل النزاع الناشئ، ومن الطبيعي أن ترفض إسرائيل ذلك فضلا عن رفضها المبدئي الاعتراف بفلسطين كدولة وترفض أن تكون طرفا آخر في النزاع معها.
أما محكمة الجنايات الدولية، فهي مختصة بالنظر في جرائم الحرب، ومن الصعب أن تقبل بالبت في مسألة اقتصادية، إلا إذا استطعنا إثبات أن ما تقوم به إسرائيل هو جريمة تجويع ومحاولة تهجير، ولكن إسرائيل ليست طرفا في اتفاقية روما، وسترفض أيضا أن تقوم هذه المحكمة بالنظر في النزاع.
ولفت إلى أن هناك محاكم دولية أخرى، لكن في جميع الأحوال يحتاج اللجوء إليها موافقة الطرفين على تحكيمها.
لكن كيف لإسرائيل أن لا تلتزم ببنود هذا الاتفاق؟
يشرح د. حطاب بأن إسرائيل تمتلك السيطرة الاقتصادية الكاملة، وهي تستغل أن الاتفاقية لم تنص على التحويل البنكي لأموال المقاصة، وإنما يخضع هذا الأمر لما ترتئيه اللجنة المشتركة المنبثقة عن الاتفاقية، ولا يوجد ما يمنع إسرائيل من اقتطاع الأموال أو احتجازها.
ويشدد حطاب على أن تذرّع إسرائيل بالضرورات الأمنية لعدم تحويل الأموال هو مخالف لاتفاقية باريس، لكنها تتصرف من منطلق عملي نظرا لوجود المال بين يديها ولا يوجد ما يجبرها على إعادة تلك الأموال، فهذه الاتفاقية جعلت السلطة المطلقة بيد إسرائيل دون ذكر أي بنود في حال عدم التزامها، ولا يوجد أي سلاح قانوني ضد عدم التزام إسرائيل بالاتفاقية، ولا يوجد الية واضحة لحل النزاع القانوني، وإسرائيل هي التي تمسك بالمال وهي التي تستطيع أن تعطي السلطة الفلسطينية من تلك الأموال.
وللخروج من هذه الأزمة، يؤكد حطاب أنه لا بد من إيجاد استراتيجية مستقبلية، وهذا مرهون بامتلاكنا للإرادة لذلك، منوها إلى أن كل الحكومات الفلسطينية كانت تتحدث عن الانفكاك الاقتصادي، ولكن على أرض الواقع لم تنجح بفعل شيء.
ويتساءل: هل نحن كسلطة ومؤسسات ومجتمع مستعدون للتضحية بالامتيازات وتحدي الصعاب للحصول على اقتصاد مستقل؟ ويبين أن انعدام الثقة بين المواطن والسلطة يجعل من الصعب التضحية من أجل بناء اقتصاد مستقل، لأن السلطة لا تقدم معززات لهذه الثقة من خلال إيجاد آلية حقيقية للشفافية والمحاسبة والحوكمة، ولا يوجد لديها خطة استراتيجية، اقتصادية أو سياسية أو قانونية.
د. نصر عبد الكريم: لا بد من وضع خطة استراتيجية لتقليل الاعتماد على التجارة مع إسرائيل والعالم، لأنها يسبب استمرار أزمة المقاصة
الخبير الاقتصادي د. نصر عبد الكريم يرى بأن مشكلة المقاصة أزمة اقتصادية بالأساس، فبعد الانقسام عام 2007 حاولت حكومة سلام فياض حل العجز في الموازنة عبر تشجيع الاستيراد المباشر وغير المباشر، وهو ما تسبب بعجز كبير في الميزان التجاري، وتضخم هذا العجز، وارتفعت نسبة المقاصة في الإيرادات العامة إلى أن وصلت 68% حاليا بعد أن كانت 42% في عام 2008 بسبب تراجع الزراعة والصناعة وتسهيل الاستيراد، وهذا أضر القدرة الفلسطينية على الجباية المحلية وخلق فرص عمل في الاقتصاد المحلي، وأصبح الفلسطيني يصدر العمالة ويستورد السلع.
ويقول عبد الكريم أن الحلول للخروج من هذه الأزمة تحتاج إلى وقت، لافتا إلى أن حكومة د. محمد اشتية طرحت قبل 4 سنوات فكرة الانفكاك التدريجي عن الاقتصاد الإسرائيلي، وهذا هو المدخل، فطالما استمر الاعتماد على إسرائيل في العمالة والتجارة والخدمات والمياه والكهرباء، ستستمر أزمة المقاصة.
ويبين أن إسرائيل تستمر بخلق خاصرة رخوة في الجسد الفلسطيني لتبتز الفلسطيني من خلالها، وهي تعي أهمية المقاصة بالنسبة للطرف الفلسطيني، لذا فهي تستخدمه في الضغط على الكيانية السلطوية الفلسطينية المتمثلة في السلطة وعلى الشعب الفلسطيني نفسه، وإسرائيل لا تريدنا مكتفين اقتصاديا وانما تريد أن تبقى ساحة المواجهة الاقتصادية مفتوحة.
ويشدد على أن الحلول يجب أن تبدأ من اليوم بوضع خطة استراتيجية لتقليل الاعتماد على التجارة مع إسرائيل والعالم، لأن هذا يسبب استمرار أزمة المقاصة، والتوجه عوضا عن ذلك نحو الإنتاج وتشجيع الزراعة وحماية أسواقنا المحلية عبر خلق ثقافة وطنية في الاستهلاك، وهذا سيخلق فرص عمل ويعيد الاعتبار لقطاعات إنتاجية بما يسمح بجباية الضرائب ويقلل الاعتماد على المقاصة بعد أن تصبح نسبة الجباية المحلية أعلى، وبالتالي مناعة اقتصادية للمجتمع الفلسطيني.
ويقول إن الحل يجب أن يكون استراتيجيا، لكن السلطة لا تملك حلولا وهي تقف عاجزة أمام هجمة سموتريتش على المقاصة، والخوف أن تبقى رهينة لهذه الحالة بدون التفكير بحل استراتيجي.
ويعتقد د. عبد الكريم أنه لم يفت الوقت أمام الخروج من أزمة المقاصة، ويقترح أن تعقد جلسة عصف ذهني وورشة فكرية موسعة، ورشة سياسية وبالتوازي ورشة اقتصادية، لتحديد السيناريوهات السياسية والأمنية القادمة على الفلسطينيين، وكيف يمكن أن نخطط اقتصاديا لمواجهة التحديات الناتجة عن ذلك.
ويعتبر أننا أمام صراع وجودي، وعلينا إثبات وجودنا، ولا يمكن للسلطة أن تستمر في كل المحطات التي فيها خطر وجودي على شعبها وقضيته باتباع نفس السياسات والمنهج في إدارة الشأن العام، وبالذات في الشأن الاقتصادي.
ويقول: “لطالما حذرنا منذ قدوم السلطة من اتباع سياسات رخوة وفيها استسهال للخيارات وتغليب لمصالح رأس المال على حساب بناء مجتمع فلسطيني متماسك فيه عدالة اجتماعية وتكافؤ فرص”، ويرى أن إشكالية السلطة أنها دمجت بشكل غير شرعي بين رأس المال والسلطة السياسية والأمنية.
د. عبد الرحيم الشوبكي: إسرائيل تعمل على خلق سطوة اقتصادية على الفلسطينيين، لأن من لا يمتلك اقتصاده لا يمتلك إرادة سياسية
أستاذ الفكر السياسي د. عبد الرحيم الشوبكي يعزو أزمة المقاصة إلى كون اتفاقية باريس هي الوجه الاقتصادي لاتفاق أوسلو الذي تم صياغته صياغة أمنية.
وتساءل الشوبكي عن مدى نجاعة الخبراء الاقتصاديين الفلسطينيين عام 1994 الذين كتبوا ووافقوا على بنود اتفاقية باريس، وكيف قبلوا بأن تكون هناك تبعية اقتصادية كاملة لكيان يسعى للتحرير وربطه بالاقتصاد الإسرائيلي، وهو يعلم بكل تأكيد أن إسرائيل ستوظف المقاصة توظيفا كاملا لخدمة أهدافها السياسية.
ولفت إلى أن القوانين الأخيرة التي سنها الكنيست الإسرائيلي، لاقتطاع مخصصات الشهداء والأسرى وأموال غزة، هدفها الأساسي هو إضعاف السلطة الفلسطينية لكن دون انهيارها، وذلك لمنع السلطة من القيام بوظائفها تجاه شعبها.
وأوضح أن إسرائيل تعمل على تعزيز السيطرة الإسرائيلية على الفلسطينيين، عبر فكرة “المنسق” والإدارة المدنية، وبالتالي خلق سطوة اقتصادية على الفلسطينيين لكي يبقى الاقتصاد الفلسطيني تابعا، لأن من لا يمتلك اقتصاده لا يمتلك إرادة سياسية.
ويشير الشوبكي إلى أن هناك بعد أمنيا سياسيا في قضية المقاصة، وتدرك إسرائيل أنها استطاعت تقييد الفلسطيني بثقافة الاستهلاك والقروض، وبما أن المقوم الأساسي والعمود الفقري للسلطة هو أموال المقاصة، فهي تضغط على السلطة باقتطاع تلك الأموال لإجبارها على زيادة التنسيق الأمني.
ويضيف أن إسرائيل من خلال اقتطاع وحجز المقاصة تعمل على خلق بديل للسلطة، فهي تعمل لإيجاد إدارة مدنية في قطاع غزة، ومنسق تجاري في الضفة، بهدف إيجاد عنصر تواصل ما بين الفلسطينيين والإسرائيليين بعيدا عن السلطة.
ويشير إلى أن اليمين الإسرائيلي يعمل من خلال الهجمة على المقاصة، وسن قوانين مكافحة الإرهاب، وتحويل أموال غزة إلى النرويج، على ترسيخ فكرة السلام الاقتصادي بعد 7 أكتوبر، لتحويل رواية الصراع إلى صراع اقتصادي والادعاء أن تحسين المستوى الاقتصادي للفلسطينيين سيقود إلى إنهاء الصراع.
ويقول إن إسرائيل توظف قضية المقاصة بذكاء بمعاونة المجتمع الدولي، فهي تبقى المقاصة وتأخرها بشكل لا يؤدي لانهيار السلطة، فلا إسرائيل ولا المجتمع الدولي يريدون انهيار السلطة، وإنما يريدونها سلطة ضعيفة لا تمتلك إرادة سياسية أمام إسرائيل.
وفيما يتعلق بشبكة الأمان العربية، أوضح الشوبكي أن هناك اشكاليتين تواجهان السلطة؛ الأولى أن شبكة الأمان تهدف لإنقاذ الاقتصاد الفلسطيني في أوقات الأزمات، لكن الدول العربية لا تمتلك الإرادة السياسية لدعم منظومة السلطة الفلسطينية، وأن من يمتلك القرار داخل جامعة الدول العربية هو من يريد أن لقطار التطبيع أن يسير.
أما الإشكالية الثانية، فهي أن المنظومة السياسية الفلسطينية عندما تلقت المنح والمساعدات الدولية في وقت الرخاء، ذهبت باتجاه القطاع الخدماتي والاستهلاكي وليس الإنتاجي، وأن الدول التي تقدم المساعدات تريد الحصول على مواقف سياسية لا يمكن للفلسطينيين الموافقة عليها.