داخل مبنى السرايا العثمانية وسط طولكرم، افترشت نساءٌ معيلات طاولات العرض بمنتجاتهن ومشغولاتهن اليدوية خاصة التراثية منها ليعرضنها أمام الزوار من مختلف أطياف المجتمع ليكون حلقة وصل لهنّ مع المجتمع الخارجي أوسع بكثير من ذي قبل.
على إحدى طاولات العرض صفَّت “وفاء البدو” مشغولاتها اليدوية التي صنعتها من خيوط “المكرمية” لتنال إعجاب العديد من الزائرين المحبين للفنون غير المألوفة، فتنغمس “البدو” بشرح مميزاته للزائرين.
وتزين “البدو” طاولتها بحقائب ومعلقات وهدايا وإكسسوارات بذلت جهدًا كبيرًا في صنعها، ووضع لمساتها الإبداعية عليها خلال عام هو عمر مشروعها الصغير الذي تسوق منتجاته عبر صفحة لها على “الفيسبوك”.
ووجدت “البدو” في معرض “نساء قادرات” فرصة لأنْ تصل إلى جمهورٍ أكبر وتتحدث لهم وجهًا لوجه عن منتجاتها وتسمع منهم كلمات الإطراء على منتجاتها الأمر الذي زاد من ثقتها بنفسها، وإقبالها على عملها ورغبتها في تطويره.
تقول: “كان هدف مشروعي حين بدأته هو مساعدة زوجي في تعليم بناتي الجامعيات، ولتوفير مصروف المنزل حيث نسكن بالإيجار، ثم صار يحقق شغفي فأقضي فيه أوقاتًا رائعة”.
أما “نهاية أبو عياش” من نابلس فكانت تجربتها في المعرض رائعة حيث فتحت لها مجالًا لأنْ تتعرف على جمهور جديد في طولكرم، وتطلعهم على منتجاتها، بعد أنْ كان الأمر محصورًا على محيطها في نابلس.
وتنتج أبو عياش الصابون النابلسي بقوامه الأساسي من زيت الزيتون، ولكن تضيف له زيوتًا أخرى مفيدة تجعله أكثر قبولًا لدى الجيل الشاب من الفتيات وبديلًا رخيص الثمن عن منتجات الكريمات والعناية بالبشرة.
وإلى جانب الصابون تضفي أبو عياش لمسات جديدة على التطريز الفلسطيني حيث تدمجه في الملابس الشبابية كـ”بلاطين الجينز” والمعاطف وغيرها مما تلبسه الفتيات، بجانب المحافظ والأثواب التقليدية.
وتشعر بالفخر وهي تحافظ على التراث التقليدي الفلسطيني وتنقله عبر الأجيال وفي الوقت نفسه تعيل نفسها (لكونها منفصلة وليس لديها أولاد)، “منذ قرابة خمس سنوات أعمل بهذا المشروع وقد أصبح لي زبائني في نابلس، وأعرف ما يحبون من منتجات ومتطلباتهم”.
وتضيف: “وأنا الآن سعيدة بتواصلي مع جمهور جديد في طولكرم، وأعرف متطلباتهم ورغباتهم وما هي الأشياء التي يحبون أن يقتنوها مما أصنعه، وأرغب في المشاركة في نسخ أخرى من هذا المعرض”.
بدورها، توضح منسقة المعرض سندس علي أن “نساء قادرات” من تنظيم مكتب البحث والمعرفة الاجتماعية – فرع طولكرم، برعاية بلدية طولكرم والغرفة التجارية والإغاثة الطبية.
وتضيف: “اخترنا له مبنى السرايا العثمانية في مدينة طولكرم، وهو مبنى أثري من زمن الدولة التركية تخصصه البلدية للمعارض، وهو مكون من طابقين الطابق العلوي مخصص كـ “نزل” للسياح الأجانب والسفلي للمعارض”.
ويهدف المعرض أن يكون حلقة وصل بين النساء (بالأخص من ذوي الاحتياجات الخاصة) ولديهن مشاريع صغيرة بتمويلهن الذاتية والجمهور المحلي في طولكرم، لدعم مشاريعهن ومساعدتهن في تسويق منتجاتهن.
وتتنوع المنتجات في المعرض بين المعجنات والحلويات والأشغال اليدوية والفخار والصلصال ومواد التنظيف المصنّعة منزليًا بالإضافة لمشاريع إعادة التدوير لإنتاج مشغولات يدوية جديدة.
وتقول: “شارك في المعرض 27 سيدة من أصحاب المشاريع الصغيرة من عموم قرى ومدينة طولكرم وأيضًا من نابلس، وكان الإقبال عليه كبيرًا فاق توقعاتنا لذلك قررنا أن يتم تكراره كل ثلاثة أشهر لنتيح المجال للسيدات لعرض منتجاتهن وتطوير أنفسهن باستمرار”.
وتشير إلى أن المعرض يأتي مساهمة في دمج النساء الفلسطينيات في سوق العمل والتعرف على احتياجات الجمهور وتطوير عملهن بشكل دوري من خلال الاستماع لملاحظات الزبائن وآرائهم، “فالتسويق الوجاهي يمنح النساء مهارات أكبر وأكثر عمقًا في مجال إدارة الأعمال”.
وترى علي في المعارض النسائية تشجيعًا للنساء على أن يكُنَّ مُنتِجات، خاصة في الأسر ذات الدخل المحدود، “فدعم المجتمع المحلي وتنظيم معارض مجانية لهن يسهم في تثبيت أركان مشاريعهن الخاصة وفتح الآفاق أمامهن، ويدر عليهن دخلًا من خلال تسويق منتجاتهن لزوار المعرض”.