فداء زعيتر: الحل بتعاون جدي لسلسة العملية التعليمية بدءا بالطالب وصولا للجهات المانحة الدولية…

أجرى اللقاء: سامر خويرة

يشهد العالم تحولاً رقميًا واسعًا يؤثر على جميع جوانب الحياة، بما في ذلك التعليم. في فلسطين، تسعى الجهود لتطوير نظام تعليمي رقمي يتماشى مع التطورات العالمية، إلا أن هذا التحول يواجه تحديات كبيرة، أبرزها تلك المتعلقة بالبنية التحتية التكنولوجية.

ومع التحول المتسارع نحو التعليم الإلكتروني كضرورة حتمية، تواجه المؤسسات التعليمية والطلاب وأولياء الأمور صعوبات في التكيف مع هذا النظام الجديد، من نقص الأجهزة الذكية إلى ضعف الاتصال بالإنترنت، بالإضافة إلى عدم توافر محتوى تعليمي تفاعلي يلبي احتياجات الطلاب.

وهنا، نحاور أ. فداء زعيتر الحائزة على لقب أفضل معلم في محافظة نابلس بالضفة الغربية المحتلة عام 2015، لكن المفاجأة الأجمل كانت عندما اختيرت واحدة من أفضل 50 معلمًا على مستوى العالم في جائزة Global teacher prize، لعام 2016.

كان ذلك بسبب النقلة النوعية التي أحدثتها المعلمة في محاكاة أفضل الأساليب الحديثة في التعليم وتطوراته بعيدا عن “التلقين” الذي ينفر منه الطلاب.

وكانت هذه الأساليب معايير الترشح عالميا، وأهمها أن يحدث المعلم تأثيرا على مجتمعه وتلاميذه وزملائه وعلى مهنته، وهو ما كان من المعلمة التي ظهرت بصماتها في حوسبة المنهاج واستخدام الدراما وأساليب متطورة وعملية في التدريس كاللعب والموسيقى والترفيه، كما استخدمت الأشكال المتعددة والصور للتقريب والتدليل على المعنى.

تسلط المعلمة زعيتر الضوء على أبرز التحديات التي تعيق تطبيق التعليم الرقمي في فلسطين، وكيف يمكن للمجتمع التربوي مواجهة هذه الأزمات وتحقيق أقصى استفادة من التحول الرقمي!.

ومن أبرز تلك التحديات، البنية التحتية التكنولوجية، حيث هناك ما يمكن وصفه بـ”النقص في الوصول إلى الإنترنت”، بناء على التفاوت الجغرافي، حيث توجد فجوة كبيرة في توفر الإنترنت عالي السرعة بين المناطق الحضرية والريفية والمخيمات، ما يؤثر سلبًا على فرص التعلم الرقمي للطلاب في المناطق النائية.

وفي غزة تحديدًا تواجه قيودًا إضافية بسبب العدوان المستمر منذ أكثر من عام، وقبلها 17 سنة من الحصار الخانق، ما قضى على فرص التعليم إلا في حالات نادرة.

إضافة لسوء جودة الاتصال بالإنترنت، حيث يعاني الكثير من المستخدمين من انقطاع متكرر في خدمة الإنترنت، ما يؤثر على استمرارية العملية التعليمية الرقمية، في حين أن بطء سرعة الإنترنت يجعل من الصعب تحميل الملفات الكبيرة أو المشاركة في الفصول الافتراضية.

كما أن كلفة الاشتراك في الإنترنت عالية بالنسبة للعديد من الأسر الفلسطينية، ما يحد من قدرتها على توفير الأجهزة والاتصال بالإنترنت لأبنائهم.

وهناك أيضا قلة الأجهزة، حيث لا تتوفر أجهزة حاسوب وأجهزة لوحية كافية في المدارس، والأسرة التي لديها عددا من الطلاب، يجعل من الصعب عليهم المشاركة في الأنشطة التعليمية الرقمية، كما أن الأجهزة المتوفرة قد تكون قديمة أو ذات مواصفات تقنية منخفضة، ما يؤثر على أداء الأجهزة والبرامج التعليمية.

وتشير زعتر إلى عدم توفر أو قلة البرامج التعليمية الرقمية العربية والبرامج الترجمة عالية الجودة بما يكفي لتلبية احتياجات الطلاب الفلسطينيين، في وقت يفتقر الكثير من المعلمين إلى التدريب الكافي على استخدام التقنيات الرقمية وتطوير المواد التعليمية الرقمية.

أما البنية التحتية التكنولوجية، فإن تطويرها يتطلب استثمارات كبيرة في مجال الاتصالات وتوفير الأجهزة والبرامج.

وتؤكد زعيتر أن هناك آثارا لتلك التحديات، أخطرها أنها تخلق تفاوتا في فرص التعلم، فنقص البنية التحتية التكنولوجية يؤدي إلى تفاوت كبير في فرص التعلم بين الطلاب، ما يؤثر سلبًا على جودة التعليم، إضافة لصعوبة في الوصول إلى المصادر التعليمية، حيث يجد الطلاب صعوبة في الوصول إلى المصادر التعليمية الرقمية المتنوعة، ما يحد من فرص التعلم الذاتي والاستكشاف.

ويؤثر ضعف الاتصال بالإنترنت على التواصل الفعال بين المعلمين والطلاب، ما يضعف من عملية التعلم، ويترك تأثيره على التحصيل الدراسي، خاصة في المواد التي تتطلب استخدام التقنيات الرقمية.

وأوضحت أن هناك ثلاث مراحل رئيسية لتجاوز هذه العقبات، بدءًا من تحفيز المعلمين على تبني التعليم الإلكتروني رغم الصعوبات، إلى تغيير قناعة أولياء الأمور بأهمية هذا النوع من التعليم، وصولاً إلى العمل على سد الفجوة بين التعليم التقليدي والتعليم الإلكتروني.

وبينت زعتر أن المؤسسات التعليمية لم تبذل الجهود الكافية خلال السنوات الأربع الماضية للتغلب على الصعوبات، سواء من ناحية تدريب المعلمين على استخدام التكنولوجيا، أو تأهيل أولياء الأمور لدعم أبنائهم. واضافت إلى ضرورة تقديم محتوى تعليمي تفاعلي يشجع الطلاب على المشاركة ويجعلهم أكثر انخراطًا.

وترى زعتر أن المطلوب هو زيادة الاستثمار في البنية التحتية التكنولوجية، من أجل توسيع نطاق تغطية الإنترنت عالي السرعة، وتوفير الأجهزة والبرامج التعليمية اللازمة، وتوفير برامج تدريبية مكثفة للمعلمين لتمكينهم من استخدام التقنيات الرقمية وتطوير المواد التعليمية الرقمية.

ورغم وجود بعض المبادرات والدعم من المنظمات الدولية لتحسين التعليم الرقمي، إلا أن هذا الدعم يحتاج إلى استمرارية وخطط استراتيجية شاملة تغطي جميع المناطق والمستويات التعليمية.

وكذلك تطوير المحتوى التعليمي الرقمي المحلي بما يتناسب مع الثقافة الفلسطينية والمنهج الدراسي.

وأيضا العمل على توفير الأجهزة بأسعار معقولة ضمن قدرات الطلاب وأسرهم.

وبالمحصلة، تؤكد زعيتر أن التحديات التي تواجه التعليم الرقمي في فلسطين كبيرة ومتشابكة، ولكنها ليست مستحيلة الحل. من خلال الاستثمار في البنية التحتية التكنولوجية وتدريب المعلمين وتطوير المحتوى التعليمي الرقمي، يمكن لفلسطين أن تحقق تقدمًا كبيرًا في مجال التعليم الرقمي وتوفر لطلابها فرصًا تعليمية أفضل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *