بقلم : أ. يوسف أبو راس 

    بعد اضراب المعلمين الحكوميين في ربيع 2022م ، تم التوصل لاتفاق بمبادرة الهيئة المستقلة لحقوق الانسان ومؤسسات المجتمع المدني، التي على إثرها علق المعلمون فعالياتهم النقابية، وقد كان من ابرز بنود الاتفاق بند ينص على دمقرطة الاتحاد  بحيث يتاح المجال لكل المعلمين حق الانتساب والترشح والاقتراع بشكل حر ودمقراطي بلا أي عوائق، وشكلت لجنة سميت آنذاك بلجنة دمقرطة الاتحاد، بمشاركة أمين عام الاتحاد ومسؤول المنظمات الشعبية في منظمة التحرير والهيئة المستقلة ومؤسسات المجتمع المدني، ولم يمثل المعلمون في هذه اللجنة، حيث طرحت  بشهر آب 2022 تصورا للتعديلات الواجب إدخالها على النظام الداخلي والاساسي لاتحاد المعلمين المعدل 2019، الا أن الاتحاد رفض التعاطي مع هذه التعديلات في حينه، مما اضطر د. عمار دويك  بشهر 11-2022 الى اتهام قيادة الاتحاد الحالية بأنها لا تريد دمقرطة الاتحاد، ولا تريد أن تجري انتخابات، وتريد أن تستحوذ على الاتحاد لفترة طويلة بدون انتخابات .

وبقيت حالة المماطلة والتسويف ورفض تصور الدمقرطة من قبل الاتحاد لغاية 5-2-2023، مما اضطر المعلمون للعودة مرة أخرى لاستئناف الفعاليات النقابية المطالبة بتطبيق مبادرة الهيئة المستقلة بما فيها ما اصطلح على تسميته دمقرطة الاتحاد، وبعد تدخل من قبل الهيئة المستقلة واللجنة المركزية لحركة فتح، أجبر الاتحاد على عقد جلسة استثنائية للمجلس المركزي للاتحاد  بتاريخ 21-3-2023 لإقرار التعديلات المطلوبة، وقد أعلن عن إقرار التعديلات عبر وسائل الاعلام دون توضيح المواد والبنود في النظام الداخلي والأساسي للاتحاد التي تم تعديلها، سوى وضع تصور الدمقرطة الصادر عن الهيئة المستقلة على ترويسة الاتحاد وختمها دون توقيع الأمين العام وأمين سر المجلس المركزي!

آلية الانتخاب وفق تصور لجنة الدمقرطة :-

أولا: اللجان التنفيذية  في المديريات وممثليها في المؤتمر العام :

– منحت التعديلات كل معلم ومعلمة منتسبا للاتحاد (حديثا أو قديما ) حق الترشح لعضوية اللجنة التنفيذية ويكون ممثلا عن مديريته في المؤتمر العام للاتحاد .

–  ومنحت التعديلات كل معلم ومعلمة حق انتخاب من يرغب من المرشحين لعضوية اللجنة التنفيذية والمؤتمر العام .

–  تتشكل اللجان التنفيذية من ( 7 – 25 ) عضوا حسب حجم وعدد المنتسبين في المديرية ، اقلها سبعة أعضاء وأعلاها خمسة وعشرون عضوا، حسب النسبة والتناسب لكل 100 معلم منتسب يمثلهم معلم واحد في اللجنة التنفيذية والمؤتمر العام. وهنا يحمل العضو الفائز صفتين هما ( عضو لجنة تنفيذية في المديرية وممثل للمديرية في المؤتمر العام )  .

– ينتخب أعضاء اللجنة التنفيذية في الفرع أمين السر، بشرط أن يكون لديه خبرة خمس سنوات في التربية و دفع الالتزام المالي المترتب عليه  اذا كان منتسبا حديثا .

مع الإشارة بوجود شرط أخر في المادة (15) بند (ج) في النظام الداخلي للاتحاد ، حيث تشترط أن يكون المرشح لأمانة سر الفرع قد سبق له العضوية في اللجنة التنفيذية أو المؤتمر العام، لم تشر اليها التعديلات، مما أثار مخاوف المعلمين، مما دعاهم لطلب محضر اجتماع رسمي بالتعديلات التي أدخلت على مواد وبنود النظام الداخلي، أو توضيح مكتوب من الهيئة المستقلة و الجهات الضامنة ، واستجابة لهذا الطلب أوضح د. عمار دويك في برنامج قضايا الساعة على راديو وطن بتاريخ 7-6-2023، أنه لا توجد شروط لمن يرغب بالترشح لأي منصب في  الهيكل الإداري لاتحاد المعلمين .

ثانيا: المؤتمر العام لاتحاد المعلمين على مستوى الوطن 

يتشكل المؤتمر العام من القطاعات التربوية النقابية حسب الوزن النسبي لكل قطاع وهم :-

(قطاع المعلمين الحكوميين – قطاع معلمي الوكالة الغوث – قطاع معلمي الجامعات – قطاع معلمي المدارس الخاصة – قطاع معلمي الشتات الفلسطيني).

– يتشكل قطاع المعلمين الحكوميين من الممثلين المنتخبين من مديريات التربية في الوطن والبالغ عددها(26 مديرية في الضفة وغزة)، و اذا افترضنا أن عددهم على مستوى الوطن 45 ألف عامل باستثناء السعاة والسائقين والأذنة وعليه يكون  ممثلو القطاع الحكومي في المؤتمر العام (450 عضوا ). 

 –  أعضاء المجلس المركزي السابق أعضاء طبيعيون في المؤتمر العام وعدد (75) عضوا ، وبخصوص أعضاء المجلس المركزي السابق يوجد احتجاج ورفض لعودتهم كأعضاء طبيعيين من قبل نشطاء وحراك المعلمين ، تحت مبرر أنهم غير منتخبين من قواعد المعلمين كما أنهم يشكلون 7500 صوتا انتخابيا ، ولا زالت هذه القضية عالقة لم يأخذ عليها المعلمون ردا من الاتحاد أو الجهات الضامنة  .

–  كما أنه لم يحدد عدد أعضاء المؤتمر القادمين من القطاعات النقابية الشريكة ، لذا أرى أنه من الواجب تحديد عدد أعضاء المؤتمر العام من القطاعات الشريكة قبل انعقاد المؤتمر العام وذلك عبر حوار مفتوح ومعمق معها .

ثالثا : المجلس المركزي لاتحاد المعلمين

– يتكون المجلس المركزي من (75) عضوا بحيث يعكس وزن كل قطاع في المؤتمر العام .

– ينتخب المجلس المركزي من قبل المؤتمر العام، عبر الانتخاب السري الفردي والمباشر، مع الأخذ بعين الاعتبار أوزان كل القطاعات المشكلة للمؤتمر العام للاتحاد، والمرشحون الذين يحصلون على أعلى الاصوات يتشكل منهم المجلس المركزي للاتحاد .

– شروط عضوية المجلس المركزي والأمانة العامة 10 سنوات خبرة في التربية و التعليم، والعضو الذي لم يقدم طلب انتساب سابقا يدفع الالتزام المالي المترتب عليه.

 

– يكون صاحب القرار بمتابعة ومناقشة قضايا وهموم المعلمين الحكوميين، هم الأعضاء القادمون من قطاع الحكومة فقط، ويلتزم المجلس المركزي بقرارهم . ( وهنا تحققت استقلالية القطاع الحكومي). 

رابعا : الأمانة العامة لاتحاد المعلمين: 

– تتكون الأمانة العامة للاتحاد  من (25 عضوا ) .

– تنتخب بشكل سري ومباشر من قبل المجلس المركزي للاتحاد .

– تقوم الأمانة العامة للاتحاد بانتخاب الأمين العام ونائبه  واللجان وتوزيع المهام عليهم .

– صاحب القرار بمناقشة ومتابعة القضايا والمطالب والمشاريع النقابية للمعلمين  الحكوميين، هم الأعضاء القادمون من القطاع الحكومي وقرارهم يحترم ونافذ ويصدر باسم الأمانة العامة لاتحاد المعلمين .

– ينعكس تمثيل القطاعات النقابية التربوية حسب وزنها النسبي على الأمانة العامة كذلك.

 وقفة مع التعديلات والنظام   الداخلي للاتحاد :-

– صاحب القرار بانتخاب وتفويض من يمثله هو المعلم فقط ، لأن عملية الانتخاب فردية وسرية ومباشرة ، وهذا الأمر يتوقف على قدرة المعلمين لحشد أكبر عدد منهم للانتساب ثم المشاركة في عملية الترشح لمن يرى أو يرى زملاؤه أنه قادر على تمثيلهم في هذا الميدان النقابي .

– انتخاب أعضاء اللجان التنفيذية  على مستوى المديريات والمؤتمر العام ، يمنح المعلمين رؤية نقابية و يعطيهم مؤشر عن شكل وسمات أعضاء المجلس المركزي وبالتالي الأمانة العامة والأمين العام ، ويعتبر الأساس في عملية الانتخاب المعلم كما ذكرنا .

– حصرت التعديلات  قرار متابعة شؤون المعلمين الحكوميين  في الأعضاء القادمين من القطاع  الحكومي في المجلس المركزي والأمانة العامة ،  وهذا الأمر إيجابي ويمنحهم خصوصية تمثيل قطاعهم بالكامل .

– المحاصصة و الكولسات :- حسب النظام الانتخابي المذكور أعلاه ، والمشاركة القوية   انتسابا و ترشحا وانتخابا من قبل المعلمين ، لا يترك مجالا للمحاصصة الفصائلية أو الكولسات التنظيمية أو حتى التدخلات من قبل جهات من خارج قطاع المعلمين ، وهذا يعتمد على وعي المعلمين وحرصهم على إنجاح العملية الانتخابية ومراقبة اجراءاتها و حماية نتائجها الصادرة عبر صندوق الاقتراع .

ما بين وعود الدمقرطة  وطموح الاقصاء والسيطرة :- 

      منطق المنافسة يقول : أنه من حق كل مكونات المعلمين واطرهم النقابية الحرص على نيل ثقة وتفويض زملائهم لتمثيلهم في الاتحاد القادم ، لكن وفق تكافؤ الفرص من حيث شروط الترشح والانتخاب والدعاية لبرامجهم النقابية المستقبلية ، الا أن الغريب رغم إقرار تعديلات دمقرطة الاتحاد، يلاحظ المراقب أنها لم تنشر بمحضر رسمي صادر عن المجلس المركزي يوضح التعديلات التي تم إدخالها على مواد وبنود النظام الداخلي والاساسي للاتحاد، كما أنه لم ينشر النظام الداخلي والاساسي المعدل للعام 2023م ،بهدف اطلاع المعلمين عليه، وتبديد مخاوفهم وشكوكهم بجدبة الاتحاد ومرجعياته نحو الذهاب لانتخابات حرة ونزيهة يكون الفيصل فيها صندوق الاقتراع .

وأمام هذا الاحجام عن نشر التعديلات التي أدخلت على نظامه، أعلن  الاتحاد بالتوافق مع الهيئة المستقلة ولجنة الانتخابات المركزية بعد لقاء ضم الأطراف الثلاث بتاريخ 3-5-2023م عن آلية تشكيل اللجنة المشرفة على العملية الانتخابية ، وذلك بعيدا عن حراك المعلمين ونشطائهم الميدانيين، كم لوحظ أن هناك حالة من التسارع لتنسيب المعلمين لعضوية الاتحاد وكأنهم في سباق مع الزمن ، و ذلك بعيدا عن التوافق مع شركائهم المفترضين وهم نشطاء المعلمين النقابين أو الكتل النقابية الفاعلة.

وهذه الاجراءات تدعونا لتحليل وتوقع الهدف من سلوكهم الأحادي، أن الاتحاد ومرجعياته يعملون على تقليص عدد المنتسبين بحيث يكونوا فقط من الموالين لهم ومن اتباعهم، ومن ثم يمضوا لعقد الانتخابات بمن انتسب وفق التعديلات الجديدة غير مكتملة الإعلان، وبحضور واشراف الهيئة المستقلة ولجنة الانتخابات ، بهدف أخذ شرعية التمثيل من خلال شهادة المؤسستين ( الهيئة المستقلة ولجنة الانتخابات ) أن العملية الانتخابية جرت وفق التعديلات وبشكل حر وديمقراطي ، ولا يوجد مبررات لمقاطعة المعلمين لها .

الانتساب و شرعية  التمثيل النقابي :-

    يعتقد بعض المعلمين أن الانتساب لعضوية الاتحاد، يضفي و يمنح المؤسسة شرعية التمثيل النقابي للمعلمين الحكوميين، وأرى أن هذا الاعتقاد على العكس تماما، وذلك استنادا للنظام الأساسي للاتحاد الذي ينص أن ( كل معلم فلسطيني عضو طبيعي في الاتحاد )، فبهذا النص جميع المعلمين أعضاء .

والانتساب حاليا حسب تعديلات الدمقرطة هو لمنح المعلم حق الترشح والانتخاب للدورة القادمة، وعليه اذا وجد المعلمون المنتسبون أن التعديلات التي تتلكأ الأمانة العامة في نشرها لا تحقق شروط الدمقرطة وتكافؤ الفرص من حيث الترشح لكل المناصب الإدارية، فمن حقهم اشهار سلاح المقاطعة للعملية الانتخابية، وبالتالي يضطروا لتأجيل الانتخابات اذا لم يحضر ( النصف+1) من أصحاب حق الاقتراع في مؤتمرات الفروع استنادا للمادة (23) بند (6) ، ويعتبر هذا السلوك طعنا في شرعية تمثيل المؤسسة لجموع المعلمين، لأن الدورة القادمة هي استثنائية وقد جاءت بسبب سقوط شرعية الاتحاد من حيث التمثيل النقابي لجموع المعلمين بعيد اضراب 2022م واضراب 2023م .

مما يبقي أزمة التمثيل النقابي قائمة في صفوف المعلمين الحكوميين .

خلاصة و توصيات :-  

اذا أراد صناع القرار وخاصة الاتحاد ومرجعياته العمل بشكل جدي للخروج من الأزمات المتلاحقة داخل وزارة التربية و التعليم ، والمتمثلة بحالة التشويش والارباك المتجددة كل عام ، ومن أجل الوصول لجسم نقابي يحظى بتأييد وثقة جموع المعلمين أرى أنه يتوجب عليهم اتباع الآتي :- 

  1. ادخال التعديلات التي تمت المصادقة عليها على النظام الداخلي للاتحاد ونشره بهدف الاطلاع عليه من قبل المعلمين  أو بالحد الأدنى نشر محضر اجتماع صادر عن المجلس المركزي ينص على التعديلات التي أدخلت لمواد وبنود النظام الداخلي والاساسي للاتحاد ، لأن النصوص القانونية لا تبنى على الوعود والنوايا الحسنة ، وذلك بهدف ترميم الثقة المخدوشة بين المعلمين والاتحاد ومرجعياته  خاصة  القضايا الآتية :- 

– الإعلان عن اسقاط شرط العضوية السابقة في اللجان التنفيذية والمؤتمر العام لمن يرغب بالترشح لأمانة السر والمجلس المركزي والأمانة العامة ، كم أعلن عنها د. عمار دويك بتاريخ 7-6-2023م  كما ذكرنا سابقا .

– التوصل لصيغة مرضية  مقبولة لوضعية اعضاء المجلس المركزي السابق بين نشطاء المعلمين والاتحاد العام للمعلمين ومرجعياته .

2-  تشكيل لجنة تحضيرية للانتخابات مركزية   وفرعيات من نشطاء نقابيين يتم التوافق عليهم بين الحراك و الاتحاد  والرعاة والضامنين للمبادرة .

  1. تشكيل لجنة اشراف  ومتابعة لإجراءات العملية الانتخابية تضم في عضويتها  الهيئة المستقلة ولجنة الانتخابات المركزية و مؤسسات حقوقية ونقابات مهنية .
  2. تصدر اللجنة التحضيرية أجندة  زمنية للعملية الانتخابية بكل مراحلها وفق مواعد ثابته .

        أرى أنه بهذه الإجراءات يمكن لقطاع المعلمين أن يخرج من أزمة التمثيل النقابي ، التي انعكست على سير العملية التعليمية في السنوات الماضية، ويحقق الاستقرار داخل وزارة التربية والتعليم، وأرى أن الكرة أصبحت في ملعب المعلمين ونشطائهم للمضي قدما نحو الانتساب والترشح والانتخاب وصولا لجسم نقابي يمثل ارادتهم وهمومهم وقضاياهم ، مع ضرورة تجاوز بعض القضايا الخلافية البسيطة والهامشية.

 آمل أن أكون قد وفقت في عرض التعديلات  التي تم إدخالها على النظام الداخلي، والمطلوب للمضي قدما في إجراءات العملية الانتخابية، ووفقت في إيصال الرسالة لكل زميل وزميلة  ولصناع القرار في بلدنا .

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *