تعود صناعة الحجر في فلسطين إلى قرون، لكنها لم تتحول إلى نشاط اقتصادي إلا في عشرينيات القرن العشرين قبل أن تحتل المرتبة الأولى في التصدير إلى الخارج حالياً بعد أن تحولت إلى نشاط اقتصادي متعاظم.

وتشكل تلك الصناعة 4.5 في المئة من الناتج المحلي الفلسطيني، إذ تبلغ قيمة دخلها نحو 600 مليون دولار سنوياً، 65 في المئة منها تصدر إلى إسرائيل، و20 في المئة إلى الخارج، و15 في المئة إلى السوق المحلية الفلسطينية.

ويصل الحجر الفلسطيني إلى نحو 80 دولة حول العالم، تشمل الصين ودولاً أوروبية وخليجية، بالإضافة إلى الأردن الذي يستورد بالإضافة إلى الحجر المصنع نحو 8400 متر مكعب سنوياً من مكعبات الحجر الخام بقيمة 4 ملايين دولار.

ويعمل في تلك الصناعة نحو 20 ألفاً بشكل مباشر، و100 ألف بشكل غير مباشر في أكثر من 1200 منشأة معظمها مصانع للحجر، والبقية مقالع الحجر، تتركز في محافظتي الخليل وبيت لحم جنوب الضفة الغربية.

النقش والزخرفة

تبدأ رحلة تلك الصناعة من مقالع الحجر، حيث يتم استخراجه من باطن الأرض بعد عملية الكشف عنه بوسائل ما زالت بدائية، ثم قصه بواسطة مناشير وتقطيعه إلى مكعبات تسمى “مرابيع”، ونقلها إلى مصانع الحجر.

وبعد وصوله إلى المصانع تبدأ عملية تقطيع تلك المكعبات إلى قطع حجرية بأحجام متنوعة حسب الاستخدام، فمنها ما يخصص للرخام، ومنها كأحجار صغيرة للبناء الخارجي.

وبعد عملية تقطيع الحجر تنقش زخرفات ورسومات على تلك الأحجار حسب الطلب، إما يدوياً عبر “الإزميل”، أو عبر ماكينات إلكترونية (مخارط الحجر).

وتتميز المنازل والمباني السكنية في فلسطين ببنائها من الحجر، لكن مع اختلاف درجة الزخرفات ونوعيتها، وذلك حسب التكلفة المرصودة للبناء، لكن الحجر والرخام الفلسطيني ليس كله واحداً، فتتعدد أنواعه، وألوانه، ومتانته حسب منطقة استخراجه، على الرغم من كونه كله صخراً رملياً. ففي حين تتميز نابلس وجنين بأن أحجارها بيضاء، يغلب على حجارة رام الله وبيت لحم اللونان الأبيض والأسود، في حين أن حجر القدس أحمر اللون، وفي الخليل أبيض وأصفر.

المرتبة السادسة عالمياً

ويوجد أكثر من 80 في المئة من الحجر الفلسطيني في مناطق (ج) التي تسيطر عليها إسرائيل بشكل كامل، وتشكل أكثر من 60 في المئة من مساحة الضفة الغربية.

ومنذ عام 1995 لا تمنح إسرائيل الفلسطينيين تصاريح خاصة لاستخراج الحجر، بحسب رئيس اتحاد صناعة الحجر والرخام، سميح ثوابتة، الذي قال إنه في غضون عشر سنوات لم يتمكن الفلسطينيون من استخراج الحجر بسبب نفاد الحجر الموجود في المناطق التي يعملون فيها.

ويضيف ثوابتة أن أصحاب مقالع الحجر يعملون بتصاريح قديمة تجدد سنوياً، وهي صالحة للعمل في مناطق محددة لا تسمح إسرائيل بتوسيعها.65%

ويشكو أصحاب المصانع من عوائق التصدير بسبب سيطرة إسرائيل على المعابر الحدودية، بالإضافة إلى تحكمها بقطاع المياه الحيوي لصناعة الحجر.

وبحسب ثوابتة، فإن الحجر الفلسطيني يحتل المرتبة السادسة عالمياً من حيث الجودة، ويعتبر الأكثر تصديراً إلى الخارج من بين البضائع الفلسطينية.

ويمتلك بعض الشركات الفلسطينية شهادت جودة عالمية في ظل محاولة لمنح كل الشركات الفلسطينية تلك الشهادات لتسهيل تصدير تلك السلعة.

وبحكم خبرتهم كان العاملون في هذا المجال يعرفون المناطق التي يحفرون فيها لاكتشاف الحجارة، ثم اقتلاعها بطرق بدائية باستخدام “البنادي والقص اليدوي”، قبل أن تتطور أدواتهم ويستخدمون المناشير.

شهادات

وبهدف تطوير تلك الصناعة ومواكبة العصر أنشئ مركز الحجر الفلسطيني في جامعة بوليتينك فلسطين كي يعمل على رفد صناعة الحجر بكوادر متخصصة، وبمعدات متطورة للكشف عن أماكن وجود الحجر وعن عمقه في باطن الأرض، ومركز لفحص نوعية الحجر.

ويقول رئيس المركز، جواد الحاج، إن المركز يمنح شهادات الدبلوم في تخصص تكنولوجيا الحجارة، ويضم وحدة أبحاث واستشارات، ووحدة جيو فيزائية للبحث في طبقات الأرض قبل الحفر.

ويضيف الحاج أن تلك الوحدة توفر الوقت والجهد والمال على أصحاب المقالع، وقد أسس المركز بخبرات ومعدات إيطالية.

ويشير الحاج إلى أن العمل جارٍ لاشتراط وجود دراسة جيو فيزيائية قبل بدء حفر المقالع بهدف التخلي عن الأساليب السابقة التي تقوم على التجربة والخطأ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *