بقلم د. طارق طهبوب

 نقيب الأطباء الأردنيين السابق

 

أكرمني الله عزوجل وأنعم علي بموفور الصحة والعافيه على مدى سبعين عاما ولم أقضي ليلة واحدة قبل ذلك في اي مستشفى حتى عملية اللوز في القاهرة والقسطرة في مانشستر غادرت المستشفى بعد٣ ساعات.

 

يشاء الله سبحانه وتعالى أن أشعر بضيق نفس بسيط ثالث ايام العيد فذهبت للمستشفى لوحدي وعملت تخطيط للقلب وأرسلته  على الواتساب الى النطاسي البارع د.نايف الدبس إستشاري أمراض القلب فطلب مني أن أحضر صباح يوم الاثنين رابع ايام العيد رغم كونه عطله حيث أجرى لي تخطيط جديد وصورة طبقيه لشرايين القلب وفحوصات لإنزيمات القلب والتي كانت طبيعيه بالرغم من وجود بعض التكلسات حول شرايين القلب ..لم يقتنع د.نايف الدبس بحدسه الطبي البارع والشكاك في نفس الوقت وطلب مني الدخول لاجراء قسطرة في اليوم  التالي ..

وبينما كنت على وشك مغادرة قسم الطوارئ في  المستشفى  التخصصي أصبت بهبوط شديد في الضغط… وبالرغم من عدم فقدان الوعي اصبحت أرى من حولي من عالم أخر أراهم أجسادا تتحرك وأفواه تتكلم وأبادلهم الحديث ولكن الكل كان في صورة هلامية ،وبقيت ساعتين في قسم الطوارئ حتى إستقر ضغطي وسمح لي د.نايف بالمغادرة على ان أحضر في اليوم التالي لاجراء القسطرة .

 

القسطرة وما أدراك ما القسطرة..   كانت القسطرة على مرحلتين تشخصية والتي أظهرت بالرغم من التفاؤل إنسداد شبه كامل في الشريان التاجي الايمن وضرورة وضع دعامةوهذا يستلزم تناول مميعات دم قويه والتي قمت بتناولها مباشرة بعد القسطرة لتحضري لتركيب الدعامه في اليوم الثاني وهو ما تم بحمدالله ورعايته.

استمددت الصمود من اكبر حفيدة لي فاطمة طارق أيوب

ومن اصغرهن ماريا اسامة طهبوب وعمرها دون السنتين التى خاطبتني من مانشستر  بلسان عربي مبين وامها يمنية       أجر وعافية

تلوت القرأن وغفوت في القسطرتين،وصحوت عندما كانوا يقومون بنقلي الى قسم العناية المركزة للمراقبة، 

من شروط العناية لما بعد القسطرة وضع شاش ورباط  شديد الالتصاق على الشريان الفخدي ووضع كيس رمل وزنه ٢كغم على الشريان الفخدي لمدة ٦ ساعات… تمنع فيها الحركة تماما ولا تسطيع الذهاب الى الحمام او ثني ساقك… إحتطت للقسطرتين بصيام كشهر رمضان خوفا من نداء الطبيعه وانا لا أستطيع الحركة لمدة ٦ساعات وقد نجحت الحيله في القسطرة الاولى ولكن في القسطرة الثانية وياللهول في الساعة الرابعه من الفترة الألزاميه لعدم الحركة حيث كان دماغ يصر على عدم تلبية النداء والامعاء تصر  على تلبية مطلبها …وأختلطت الافكار في ذهني بين هيبة الطبيب وهيبة النقيب وهيبة رئيس قسم التخدير وبين ضغط الامعاء وعدت طفلا صغيرا في الثانية او الثالثه من عمره كل مطلبي من الحياة ان لاأعملها في سريري و على ملابسي وان أستطيع المشي لوحدي وان أستطيع أن أرتدي ملابسي لوحدي ،لتنتصر بعدصراع ثلث ساعه الامعاء مبرهنة على النكته الشهيرة بأنك لا يجب أن تكون دماغا لتترأس وتحكم لأن  مؤخرة الامعاء تصر على القيام بذلك الدور ويتحقق لها ذلك..لكم أن تتصور الحرج لطلب( comode) مرحاض السرير والمبولة … ولكن كان لابد من ذلك..وليعلم أبن آدم المتكبر أن به دوما ٢كغم من الفضلات التي ستخرج رغما عنك اذا أصر الرئيس الاسفل.

خرجت اليوم من المستشفى وأنا أقدر نعمة الطهارة ونعمة الماء ونعمة العافية وأقدر بتفهم أكبر حاجات المريض وضرورة ستر العورات وضرورةتوفر ممرضين رجال للمرضى الرجال وممرضات نساء للمريضات النساء في قسم العنايه المركزة وحتى ضرورة إيجاد عنبرخاص لكل منهما.. وقبل إن تتتهمنا النسويات إياهن بدعشنة المستشفيات … فقدكان فشل حزب العمال البريطاني في الوفاء بوعده بفصل عنابر الرجال عن النساء سببا في سقوط الحزب في الانتخابات التى خاضها الحزب بقيادة جوردون بروان.

رحمة الله على د.محمد مشالي ود.رضوان السعد لكن طب الغلابه هو مصطلح تضليلي تستخدمه الحكومات والاعلام الجاهل لتسويق نموذج غير قابل للتطبيق ولاعفاء الحكومات المتسلطة من مسؤولياتها عن ألغاء طبقة الغلابه اصلا وتوفير الخدمه الصحية اللائقه لكافة مواطنيها ،تطبيقا للقاعدة الصحية العظمى والتي تنص على حق المواطن في نيل الرعاية الصحيه التي يستحقها بغض النظر عن التكلفه التي يجب أن تتحملها الدولة جابية الضرائب وأشيد  هنا بمبادرة وزارة  الصحة بإسعاف اي مريض يتعرض لأعراض الجلطة في المستشفيات الخاصة المؤهلة لإسعافه  ومعالجته على حساب وزارة الصحة  وتحضرني قصة فني التخدير الاردني الذي يعمل في بريطانيا وأبنتيه التؤامين اللتين أمضيتا شهرين في الخداج البريطاني بكلفة ربع مليون جينه إسترليني لم يدفع منها مليم واحدا بأعتباره دافع ضرائب .

وبدلاعن طب الغلابه أذكر بمبادرة أطباء القطاع الخاص الذي يتهم بالجشع للتبرع بالعمل مجانا للقضاء على قوائم الانتظار الجراحية الطويله في وزارة الصحة والتي نأمل بإستئنافها بعد الكرونا.

 وأذكر زملائي الاطباء بأن زكاة العلم أن تعلم الاطباء المتدربين من  دون إهانتهم تنفيسا لعقدك النفسيه وأن دربت طلبا للأجر فهي صدقة جاريه لك….

 

يوم واحد على الطرف الاخر من المعادله كان كفيلا بتذكيري  بحجمي وتحضيري لطرف المعادله النهائي حيث تأتي الملائكة لتسألني عن إسمك فأقول محمد طارق وعن نبيك فأقول محمد(صل الله عليه وسلم ) الذي أتيمن بأسمه وعن ربك فأقول ربي الله ولا أشرك به أحدا.