بقلم: أمين أبو وردة
لا شك أن العمل النقابي بشقيه المهني والعمالي له حضور لدى مختلف الأمم بما فيها الشعب الفلسطيني، الذي له بصمات ما قبل النكبة في العام 1948، وما بعدها وفي ظل السلطة الفلسطينية، رغم تذبذب الأدوار والتأثير بين محطة وأخرى.
ويلعب الاعلام أدوارا لا يستهان بها في إبراز العمل النقابي سواء مواكبة أو ارتباطا به باعتباره أحد اذرع تقوية أشكال العمل النقابي، وترسيخ وجوده خاصة في ظل ثورة الاتصال الحديثة التي وفرت منصات للتواصل بين القيادات والمؤسسات النقابية وجماهيرها.
وأثرت الأوضاع السياسية التي مرت بالتاريخ المعاصر للشعب الفلسطيني على أدوار العمل النقابي، سواء في التعاطي مع الاحتلالات المتعاقبة بدءا من الانتداب البريطاني ثم العهد الأردني والاحتلال الإسرائيلي، وصولا للواقع الحالي الذي تسيطر فيه السلطة على الضفة، وهناك حالة سياسية جديدة في قطاع غزة فرضتها ظروف الانقسام السياسي.
ومن هنا يمكن النظر للعلاقة الجدلية والتناسقية بين الاعلام والعمل النقابي انطلاقا من الظروف السابقة والوقائع العملية على الأرض، بشكل يظهر الأدوار الإيجابية للإعلام، والمهمات المطلوبة لترسيخ الفهم النقابي.
على مدار العقود الماضية لوحظ أن الهيئات والمنظمات النقابية لها أذرع إعلامية بعضها على شكل نشرات مطبوعة أو صحف خاصة ( صوت العامل)، والتي توقفت مؤخرا بعد وفاة المشرف عليها المرحوم الإعلامي عاطف سعد في العام 2015، وكانت لسان حال الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين.
وفي الداخل المحتل عام 1948 أصدرت جمعية “صوت العامل” واتحاد لجان المرأة العاملة الفلسطينية نشرة نقابية شاملة تتضمن حقوق العمال والعاملات في أماكن العمل، إضافة إلى حقوق العاطلين عن العمل في مكاتب التشغيل ومؤسسة التأمين الوطني.
كما تحظى غالبية النقابات المهنية والعمالية بمنصات رقمية لها وتواكب الاعلام الاجتماعي بشكل لافت، إضافة الى استمرار اصدار بيانات في غالبية المناسبات، تعبر عن مواقفها من كل القضايا المطروحة والساخنة سواء في الشق السياسي المتعلق بالاحتلال، أو بالظروف الداخلية والمعيشية.
لم تنجح محاولات الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين بإنشاء وإطلاق إذاعة خاصة بالعمال، لكنها تمكنت من رعاية برامج عمالية ونقابية في العديد من المحطات الاذاعية المحلية المنتشرة في فلسطين، والتي يزيد عددها عن 35 إذاعة، وهذا يدلل على العلاقة المترابطة بين الاعلام والعمل النقابي.
النقابات المهنية مثل الأطباء والصحفيين والمهندسين والصيادلة والطب المخبري والتمريضي ونقابة المعلمين، تسعى دوما للحضور الإعلامي، ولكن ليس لديها قنوات واذاعات ومطبوعات خاصة بها، لكنها تسعى للبروز من خلال الاعلام العامل في الميدان، لتمرير مواقفها وإظهار عملها.
وبرزت ظاهرة وهو عدم وجود اعلاميين متخصصين بالعمل النقابي والعمال، باستثناء عدد محدود جدا، يعمل كناطق إعلامي، أو مقرب من نقابة هناك وهناك، مما جعل هناك حاجة لتعميق هذا الدور لدى بعض الإعلاميين أو تفريغهم لهذا الدور، خدما للأدوار النقابية.
أما الظاهرة الأكثر سلبية هو طغيان الانتماء الحزبي على بعض النقابات المهنية والعمالية، وخاصة القريبة من السلطات الحاكمة، مما جعلها لا تتطرق لممارساتها وإجراءاتها وتبتعد عن رسالتها في تبني هموم الفئات التي تمثلها وهذا جعلها ضعيفة وتتعرض للانتقاد، بل أحيانا تدافع عن إجراءات واضحة أنها تمس طلبة العمال والموظفين.
وفي الفترة الأخيرة قرر الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين تعيين اعلامي واحد كموظف اعلامي للاتحاد يقوم بإصدار البيانات وتصوير الفعاليات وتمريرها لوسائل الاعلام، إضافة الى دعوتهم لتغطية الفعاليات النقابية، فيما باقي النقابات المهنية تفرز النقيب أو أحد الأعضاء لمخاطبة وسائل الاعلام.
ويلاحظ أن هناك تفاوت واضح بين النقابات في التعاطي مع الاعلام، فبعضها متميز وبارز مثل نقابة المهندسين والمعلمين، ولديهم منصات إعلامية مركزية وفرعية، تسارع في إصدار البيانات، وإبراز أنشطتها، والبعض الآخر ضعيف نسبيا، ونادرا ما تجد له حضور إعلامي.
وبدت النقابات تدرك أهمية الاعلام في ترسيخ وجودها وتعقد ورشات تدريبية في تخصصات الاعلام المختلفة، وتوثق صلتها بالمؤسسات الإعلامية، سعيا لتشكيل تحالفات معها في اسنادها وتبني قضاياها.